للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه قال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) (١).

ومَنْ لم يَقدِرْ على حِفْظِ نفسِهِ مِنْ الحرامِ ولا يَدفَعُهُ عنه إلَّا النكاحُ، فإنَّ النكاحَ واجبٌ عليه بلا خلافٍ.

والخِطابُ في الآيةِ توجَّهَ إلى الأولياءِ؛ لأنَّهم يَلُونَ أمرَ البناتِ، والنفعُ مُتبادَلٌ بينَ الزوجَيْنِ، وكأن الوليَّ وهو يُزوِّجُ ابنتَه لمسلمٍ فهو يُعِينُ الاثنَيْنِ في التزويجِ والإحصانِ.

وفي قولِه تعالى: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ أنَّ نكاحَ العبدِ والأَمَةِ لا يصحُّ إلَّا بإذنِ سيِّدِه، وقد روى ابن عمرَ، عن النبيِّ : (إِذَا نَكَحَ الْعَبْدُ بِغَيرِ إذنِ مَوْلاهُ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ) (٢)، وعن جابرٍ بنحوِه (٣)؛ رواهُما أبو داودَ، وقد حكى الإجماعَ على هذا غيرُ واحدٍ، كابنِ المُنذِرِ (٤) وغيرِه.

وقد تقدَّم الكلامُ على شرطِ الوليِّ للحُرَّةِ في النكاحِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ [البقرة: ٢٢١].

وفي قولِه تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾: أنَّ مِن أسبابِ الغِنى والكفايةِ الزواجَ، فلا يَمنَعُ الفقيرَ فقرُهُ أن يتزوَّجَ؛ فاللَّهُ لم يأمُرْ بشيءٍ إلَّا وقد تكفَّلَ برِزقِ أهلِهِ فيه، ولكنَّ الناسَ يُبتلَوْنَ بضَعْفِ اليقينِ، فيُوكَلُونَ إلى ظنِّهم بربِّهم، واللَّهُ عندَ ظنِّ عبدِهِ به.

* * *


(١) أخرجه البخاري (٥٠٦٥)، ومسلم (١٤٠٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٧٩).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٣٠١)، وأبو داود (٢٠٧٨)، والترمذي (١١١١).
(٤) "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>