للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ}؛ أي: كَلْبُهم الذي كان معهم مِن قَبْلُ، لا كلبُ غيرهم، وقد عَدَّهُ معهم لكونِهِ منهم، فلو لم يكنْ مُصاحبًا لهم قبلَ دخولِهم الكهفَ، لم يَذكُرْهُ في العَدَدِ معهم، وذلك في قولِهِ تعالى بعدُ: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢]، وقال: {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢]، وقال: {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢].

ومن القرائن كذلك قولُه تعالى: {بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}؛ يعني: في فِنَاءِ الكهفِ في صورةِ الحارسِ لهم لِيُهَيِّبَهم، وفي ذلك قال تعالى، {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}؛ يعني: منهم ومِن كلبِهم؛ لأنَّه معدودٌ فيهم.

حُكْمُ اقتِناءِ الكَلْبِ للحِرَاسةِ وغيرِها:

وقد ثبَتَ في الشريعةِ: أنَّ الأصلَ في اقتناءِ الكلبِ المنعُ؛ وذلك لِمَا ثبَتَ في "الصحيحَيْنِ"، عن أبي هريرةَ -رضي اللَّه عنه-؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ قَالَ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتَقَصَ مِن أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ) (١).

وفي "الصحيحَيْنِ"؛ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّه عنهما-؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) (٢).

وامتناعُ الملائكةِ عن الدخولِ دليلٌ على دخولِ الشياطِينِ وحضورِها؛ وهذا دليلٌ على عدمِ جوازِ دخولِها بلا حاجةٍ، وأكثرُ العلماءِ على التحريمِ.

ومِن العلماءِ -كابنِ عبدِ البَرِّ (٣) - مَن حمَلَ الحديثَ على الكراهةِ؛


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٢)، ومسلم (١٥٧٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٢٥)، ومسلم (٢١٠٦).
(٣) "التمهيد" (١٤/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>