ويحتمِلُ أن يكون ذلك عندَ النَّشْرِ أو يوم العَرْضِ، ويحتمِلُ في الموضعَيْنِ، وبكلٍّ قال غيرُ واحدٍ مِن المفسِّرينَ.
تعظيمُ الرِّبَا:
والرِّبا مِن المُوبِقاتِ، وهي أكبَرُ الكبائرِ؛ كما ثبَتَ في "الصحيحِ"؛ لأنَّ فيها ظلمًا للفقيرِ، وأخذًا لمالِهِ بلا حقٍّ، وزيادةً عليه بالباطلِ، والظلمُ المتعلِّقُ بحقِّ العبادِ أعظَمُ مِن الظلمِ المتعلِّقِ بحقِّ اللهِ إلا الشِّرْكَ؛ لأنَّ اللهَ قد يعفو عن حقِّه، والعبادُ لا يَعْفُونَ عن حقوقِهِمْ يومَ القيامةِ؛ ولذا قال سُفْيانُ الثَّوْريُّ:"ذَنْبٌ واحدٌ في حقِّ العبادِ أعظَمُ مِن سبعينَ ذَنْبًا في حقِّ اللهِ".
والرِّبَا محرَّمٌ حتَّى في الشرائعِ السابقةِ؛ لأنَّه ظُلْمٌ للناسِ، وكلُّ ظلمِ الناسِ محرَّمٌ في كلِّ شِرْعةٍ سابقةٍ؛ لأنَّ الشرائعَ لا تُحِلُّ الظلمَ ولا تُقِرُّهُ ولا تخرُجُ عن الفِطْرةِ، بل تُقِرُّها وتُثْبِتُها، وأَكْلُ الرِّبا مِن عادةِ يهودَ في الكَسْبِ؛ ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ [النساء: ١٦١].
تعظيمُ حقوقِ الآدميِّين:
وقد عظَّمَ اللهُ حقوقَ الآدميِّينَ؛ لأنَّ دُنْياهم لا تستقيمُ ولا تَصلُحُ إلا بذلك، فشدَّد في أمرِها والوعيدِ عليها؛ حتَّى لا تفسُدَ الأرضُ بفسادِ أفعالِهم، وجعَلَ اللهُ أعظَمَ حقوقِهِ - وهو التوحيدُ - مقترِنًا بحقوقِ الآدميِّينَ في عدمِ تكفيرِ الظُّلْمِ فيهما لأصحابِها، إلا بمبادَرَتِهِم بالخلاصِ منهما؛ التوحيدُ بالتوبةِ، والحقوقُ بإعادتِها إنْ كانت مالًا، وإنْ كانت دماءً فبالقصاصِ ما لم يتحلَّلْ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، وفي الحقوقِ قال ﷺ: (مَنْ كانت لَهُ