للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبَّاسٍ: "كانوا يذبَحونَ ويُهِلُّونَ عليها"؛ رواهُ عليُّ بن أبي طَلْحةَ، عنه، أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ (١).

الاستقسامُ بالأزلامِ:

ثمَّ قال تعالى: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾؛ يعني ممَّا حرَّمَ اللهُ على المؤمِنينَ فِعلَهُ، وفيما سبَقَ حرَّمَ المأكولَ، وهنا حرَّمَ الفِعْلَ، والأزْلَامُ: جمعُ زَلَمٍ، وهي القِدَاحُ أو الحجارةً وشِبهُها، والاستقسامُ؛ هو رميُ القِدَاح، ويدخُل فيه الكتابةُ على الرُّقُوقِ والجُلُودِ أو المكعَّبات، فيكتُبُ ثلاثَ كلماتٍ: في واحدةٍ: (افْعَلْ)، وفي الثانيةِ: (لا تَفعَلْ)، والثالثة: تُترَكُ بيضاءَ، فإن عزَمَ أحدُهم على أمرٍ رمَاها ثمَّ تناوَلَ واحدةً منها لِينظُرَ ما يُؤمَرُ به، وكان عملُهُم نحوَ هذا في الجاهليَّة، قالهُ ابنُ عبَّاسٍ ومجاهِدٌ والحسنُ وغيرُهم (٢).

ويدخُل فيه كلُّ ما صرَفَ الإنسانَ أو صَدَّهُ مِن المحسوساتِ أو المعنوَيَّاتِ التي لا أثرَ ولا بيِّنةَ لها ماديَّةً ولا شرعيَّةً، فالإنسانُ تَمنعُهُ الرياحُ والأمطارُ مِن السفر، فهذا سببٌ ماديٌّ، ويمنعُهُ كذلك إن لم يجدْ مرافِقًا معه في سفرِ ليلٍ؛ لأن هذا سببٌ شرعيٌّ منَعَتِ الشريعةُ أن يُسافِرَ الرجلُ بليلٍ وحدَه.

واستِقسامُ الحاهليِّينَ بالأزْلَامِ شِرْكٌ، وكذلك في حُكمِهم مَن صنَعَ صنيعَهُمْ ممَّن اعتمَدَ على طريقةٍ وأساليبَ حديثةٍ، ويدخُلُ في هذا اليومَ عِلْمُ الأبراجِ الذي يتطيَّرونَ له فيحملونَهُ صارفًا عن زواجٍ وتجارةٍ وإمارةٍ، أو جالبًا لها، وهو مِن أنواعِ صَرْفِ العبادةِ للكواكبِ.


(١) "تفسير الطبري" (٨/ ٧١).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ٧٣ - ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>