للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقلَعَت حتَّى ما كادَتْ تَترُكُ منَّا أحدًا"؛ رواهُ المُستغفرِيُّ (١).

وروى زِرٌّ أنَّ حُذيْفةَ؛ قال: "تَقُولُونَ: سُورَةُ التَّوْبَة، وَهِيَ سُورَةُ الْعَذَاب، يَعْني: بَرَاءةَ"، رواهُ ابن أبي شَيْبةَ والطَّبرانيُّ والحاكمُ (٢).

وكان ثابتُ بن الحارثِ الأنصاريُّ يُسمِّيها المُبعثِرةَ (٣)؛ لأنَّها تُبعثِرُ أخبارَ المنافِقينَ، ورُوِيَ عنِ ابنِ عُمرَ؛ أنه كان يسمِّيها: المُقَشقِشةَ (٤)؛ أنَّها تُبرِّئُ مِن الشِّرْك، وَيُقالُ: قَشْقَشَ البَعيرُ: إذا رَمَى بِجِرَّتِه.

وهذه السُّورة مِن أقلِّ سُوَرِ القُرآنِ الطِّوَالِ منسوخًا؛ لتأخُّرِ نزولِها، فجُلُّها مُحْكَمً، والمتأخِّرُ يَقْضي على المتقدِّم، وقد حكى بعضُهم أنَّ أعرابيًّا سَمِعَ قارئًا يَقرأُ هذه السُّورةَ، فقال الأعرابيُّ: إنِّي لَأَحْسَبُ هذه مِن آخِرِ ما نرَلَ مِن القُرَآن، قيلَ له: ومِن أينَ عَلِمْتَ؟ فقال: إنِّي لَأَسْمَعُ عُهودًا تُنْبَذ، ووَصَايا تُنَفَّذ (٥).

الحِكْمةُ مِن تأخُّرِ سُوَرِ فَضْحِ المنافِقِينَ:

وقد كان القرآنُ مِن أوَّلِ البَعثةِ بَيَّنَ حالَ الكُفرِ والكافرينَ، وفَصَّلَ وبيَّنَ وفرَّق، وحذَّرَ وتوعَّدَ وخوَّف، ولم يكُن للنِّفاقِ ذِكْرَ كذِكْرِ الكُفْرِ والشِّرْك، معَ وجودِهِ مِن أوَّلِ يومٍ في المدينةِ.

والسببُ في تأخُّرِ بيانِ المنافِقينَ وفَضْحِهم، وتقدُّمِ التحذيرِ مِن المشرِكينَ ودِينهم: أمورٌ؛ مِنها:


(١) أخرحه المستغفري في "فضائل القرآن" (٢/ ٥٥٤).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٠٢٦٩)، والطبراني في "الأوسط" (١٣٣٠)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٣٠).
(٣) "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٤٤٤ - العلمية).
(٤) "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٤٤٤).
(٥) "تفسير ابن عطية" (٣/ ٣)، و"زاد المسير في علم التفسير" (٢/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>