للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختُلِفَ فيما فعَلَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنَيْنٍ: هل كان عطيَّةً مِن أصلِ الغنيمةِ وأنَّها لم تُخمَّسْ، أو كان ذلك بعدَ تخميسِها وكانتِ العطيَّةُ مِن خُمُسِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً؟ على قولَيْنِ:

قال بالقولِ الأوَّلِ: جماعةٌ مِن العلماءِ؛ كابنِ عدِ البَرّ، وابنِ تيميَّةَ، وابنِ حَجَرٍ، وغيرِهم، ولا يَلزَمُ في كلِّ مَن قال بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُخمِّسْ غنيمةَ حُنَيْنٍ: أنه لا يَرى وجوبَ تخميسِ الغنيمةِ على الأُمراءِ؛ فمنهم مَن جعَلَها خاصَّةً بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقال بالقولِ الثاني: الشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ القاسمُ بن سلَّامٍ، والقاضي عِياضٌ.

قِسْمةُ غنائمِ حُنَيْنٍ:

والقولُ بأنَّ النبيَّ قَسَمَ غنائمَ حُنيْنٍ، وأنَّ ما لم يقسِمْهُ هو الخُمُسُ - هو الذي يُوافِقُ ظواهرَ الأدلَّةِ ويَسيرُ عليها؛ فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ما زالَ يَقسِمُ الغنائمَ منذُ نزَلَتْ عليه هذه الآيةُ، ولو كان ثَمَّةَ ما يخرُجُ عن هذا الأصل، لَجَاءَ صريحًا، ولَاعْتَبَرَهُ الصحابةُ والتابعونَ ناسخًا للأمرِ بتخميسِ الغنيمة، ولَعَمِلَ الخلفاءُ به بعدَ ذلك، ويدُلُّ على بقاءِ الحُكْمِ ما جاءَ في "السُّننِ"؛ مِن حديثِ عدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ (١)، وعمرِو بنِ عَبَسَةَ (٢)؛ أنَّ الرسولَ قال يومَ حُنَيْنٍ - وقد أَمْسَكَ وَبَرَةً مِن سَنَامِ بَعِيرٍ بينَ إصبعَيْهِ -: (إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنَ الْفَيْءِ شَيْءٌ، وَلَا هَذِه، إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ)، ورواهُ أحمدُ عن عُبادةَ (٣)، ومالكٌ عن عمرِو بنِ شعيب (٤).


(١) أخرجه النسائي (٣٦٨٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٧٥٥).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٩).
(٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>