للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرقيقُ بحاجةٍ إلى التيسيرِ في تَبِعةِ الزواجِ؛ مِن النفقةِ على الزوجةِ، وكِسْوتِها في عِدَّتِها؛ فاحتاجَ للتيسيرِ في الطلاق والتيسيرِ في العِدَّةِ.

والطَّلاقُ سُلْطانٌ، وسلطانُ العبدِ دُونَ سُلْطانِ الحرِّ، وقِوامتُهُ دونَ قِوامةِ الحرِّ، والطلاقُ فرعٌ مِن فروعِ القِوامةِ.

وقولُه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ عمومٌ تفصِّلُهُ السُّنَّةُ، وهو أنَّ بينَ كلِّ طلاقٍ عِدَّةً، فلا تُجمَعُ الطَّلْقتانِ جميعًا ولا الثلاثُ؛ وذلك كما في "الصحيحِ": (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ التي أَمَرَ اللهُ ﷿ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ) (١).

الطلاقُ ثلاثًا:

والطلاقُ أكثرَ مِن طَلْقةٍ واحدةٍ، أو ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ، أو طلقاتٍ متفرِّقاتٍ في عِدَّةٍ واحدةٍ بلا رَجْعةٍ بينَهما - خلافُ السُّنَّةِ باتفاقِ السلفِ؛ وقد كانوا يَنْهَوْنَ عنه، ويؤدِّبونَ عليه؛ فقد أخرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ، عن أنسٍ أنَّ عُمَرَ كان إذا أُتِيَ برَجُلٍ طَلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا، أوجَعَ ظَهْرَهُ (٢).

وهو صحيحٌ عنه.

وذلك أنَّ الطلاقَ مِن حدودِ اللهِ، فاللهُ حينَما بيَّنَهُ وفصَّلَ أمْرَهُ، قال: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾، والطلاقُ الثلاثُ تَعَدٍّ يُوجِبُ التأديبَ والزَّجْرَ، فاللهُ أقامَ الزوجَ على حَدِّ الطلاقِ، وجعَلَ له سلطانًا لِيُقيمَهُ كما أمرَ اللهُ، كما أقامَ السلطانَ على حدودِ اللهِ بين الناسِ ليُقيمَها كما أمَرَ اللهُ، وإن كان تعدِّي السلطانِ أشدَّ؛ لعِظَمِ أَثَرِه، إلَّا أنَّ تعدِّيَ الزوجِ يعَدُّ تعدِّيًا وظُلْمًا ولكنْ بقَدْرٍ.


(١) أخرجه البخاري (٥٢٥١) (٧/ ٤١)، ومسلم (١٤٧١) (٢/ ١٠٩٣).
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (١٠٧٣) (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>