للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرَّمَ اللهُ، ولم يكنْ يقَعُ منهم شيءٌ يُخالِفُ ما حرَّمَهُ اللهُ إلا في هذَيْنِ الموضعَيْنِ؛ كما قاله ابنُ عبَّاسٍ، فيما رواهُ عنه عكرمةُ؛ أخرَجَه ابنُ المُنذِرِ (١).

فقد تزوَّجَ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ امرأةَ أبيهِ بعدَه، وهي فاخِتَةُ بنتُ الأَسْوَدِ بنِ عبدِ المطلبِ، وكذلك كِنانةُ بنُ خُزيمةَ تزوَّجَ امرأةَ أبيهِ وولَدَتْ له ابنه النضرَ بنَ كِنانةَ.

حدودُ ما يحرُمُ من زوجاتِ الآباءِ:

ولا ينتشرُ التحريمُ من زوجاتِ الآباءِ إلى أُصُولِهنَّ وفُرُوعِهنَّ وحَوَاشِيهِنَّ؛ فلا يحرُمُ على أبناءِ الآباءِ أنْ يتزوَّجُوا مِن بناتِ زوجةِ الأبِ مِن غيرِه، فإذا جاز هذا في المُحرَّمةِ بالنصِّ على التأبيدِ كالعَمَّةِ والخالة، فيجوزُ نكاحُ بنتِها، فبنتُ زوجةِ الأبِ مِن غيرِ الأبِ مِن بابِ أَوْلَى.

وتحريمُ زوجاتِ الآباءِ على الأبناء، كتحريمِ زوجاتِ الأبناءِ على الآباءِ.

وقول اللهِ تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾؛ يعني: بعدَ تحريمِه.

وقيل: إنَّ وَصْفَ العاقِدِ على زوجةِ أبيهِ بعدَ التحريمِ بفاعِلِ الفاحِشةِ والمقتِ وساء سبيلًا، إشارةً إلى عدمِ كفرِه، قال: ولو كان كافرًا، لكان وصفُهُ بالكفرِ أعظَمَ مِن فعلِ الفاحشةِ والمقتِ، والمقتُ هو شدةُ البُغضِ مِن اللهِ للفعلِ وفاعِلِه.

وهذه الآيةُ مِن مواضعِ النزاع فيمَن عقَدَ على امرأةٍ تحرُمُ عليه، وقبلَ ذِكرِ كلامِ العلماءِ في هذا، فإنَّ الأمرَ المُجمَعَ عليه: أنَّ مَن حرَّمَ ما أَحَلَّ اللهُ في كتابِه، أو حَلَّلَ ما حرَّمَه اللهُ في كتابِه: كافرٌ، ولكنَّ فِعْلَهُ


(١) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٦١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>