للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٣٥].

لمَّا كان الزوجُ في إدبارٍ مِن زوجتِهِ، ولا بابَ لرَجْعَتِهِ مِن موتِه، وأيَّامُها تربُّصٌ لانقضاءِ العِدَّةِ التي تَخُصُّها لا تخصُّ الميتَ؛ فتخبيبُ الزوجةِ على زوجِها لا يجوزُ، ولو كانت في عِدَّةِ رَجْعَتِها؛ كالتعريضِ لها بالرغبةِ في امرأةٍ مِثْلِها، ونحوِ ذلك؛ فقد جاء في "السننِ" و"المسنَدِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) (١)، وفي الآيةِ رفعُ الجُنَاحِ في التعريضِ للمتوفَّى عنها زَوْجُها في العِدَّةِ، وهو دليلٌ على وجودِ الجُناحِ والحَرَجِ في غيرِ حالِها.

التعريضُ في نكاحِ المعتدَّة البائنةِ:

وعلَّةُ الجُنَاحِ والحَرَجِ والنهيِ عنِ التعريضِ أنَّه رُبَّما رَغِبَتْ في الرَّجْعةِ، ففَتَنَها عن عودتِها لزوجِها، وأمَّا في عِدَّةِ الوفاةِ، فقد أَذِنَ اللهُ بالتعريضِ في العِدَّةِ؛ لانتفاءِ المَفسَدةِ، وهذا في عِدَّةِ المطلَّقةِ غيرِ الرجعيَّةِ كذلك، وقد كَرِهَ الشافعيُّ التعريضَ في المطلَّقةِ عمومًا مِن بابِ الاحتياطِ؛ لأنَّ الرُّخْصةَ جاءَتْ في عِدَّةِ الوفاةِ.

والأظهرُ: جوازُ ذلك في المطلَّقةِ المبتوتةِ؛ لاشتِراكِها في الحالِ مع المتوفَّى عنها زَوْجُها، ولِظاهرِ حديثِ فاطمةَ بنتِ قيسٍ في


(١) أخرجه أحمد (٩١٥٧) (٢/ ٣٩٧)، وأبو داود (٢١٧٥) (٢/ ٢٥٤)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٩١٧٠) (٨/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>