للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفُسِهِنَّ)، فجَعَلَ اللهُ الخِطابَ للوليِّ أن يزوِّجَها، وجعَلَ الاختيارَ لها، فقال: ﴿فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ﴾؛ سواءٌ اختارَتِ البقاءَ بلا زوجٍ، أو اختارَتْ زوجًا، فلا تزوَّجُ إلَّا برِضاها.

وفي الآيةِ: دليلٌ على أنْ لا نكاحَ إلَّا بوليِّ.

وقيَّد جوازَ فِعْلِهِنَّ بأنفُسِهِنَّ أن يكونَ بالمعروفِ؛ فلا حرامَ فيه ولا سُوءَ، فتَفعَلُ ما صحَّ عُرْفًا لدى أهلِ الفِطَرِ الصحيحةِ غيرِ المبدَّلَةِ، وما صحَّ شرعًا.

وفسَّرَ مجاهِدٌ والزُّهْريُّ والسُّدِّيُّ المعروفَ هنا: بالنِّكَاحِ (١).

وفي قولِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾، وفي قولِهِ: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٢]، وفي قولِه: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥]- دليلٌ على أنَّ المرأةَ تَرجِعُ إلى زَوْجِها إن طُلِّقَتْ بطلاقٍ رجعيٍّ، أو تتزوَّجُ إن كانت بائنًا، بانتهاءِ أَجَلِها المقدَّرِ، ولا أثَرَ للغُسْلِ مِن الحَيْضِ في الرجعةِ؛ لأنَّ اللهَ علَّقَ ذلك بقضاءِ الأَجَلِ، وهذا خلافًا لقولِ شَرِيكٍ في بطلانِ رجعةِ الزوجةِ حتَّى تغتسِلَ، ومثلُهُ قولُ إسحاقَ أنَّ التي تعتَدُّ بالأقرَاءِ لا يجوزُ لها أن تتزوَّجَ حتَّى تغتسِلَ مِن حَيْضِها، وبنحوِ قولِ إسحاقَ رُوِيَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ.

وذكَّر اللهُ بعِلْمِهِ وإحاطتِهِ بعَمَلِ الناسِ ونِيَّاتِهم، فلا يَخْفَوْنَ عليه؛ فقال: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

* * *


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>