للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنَّ الحسنَ والحُسَيْنَ مِن ولدِهِ مِن بنتِه؛ وهذا جائزُ النسبةِ صحيحٌ، ولكنَّه ليس بالعُرْفِ ولا بالوضعِ عندَ العرب، فالأصلُ عندَهم والعُرْفُ فيهم الانتسابُ إلى الأب، وأمَّا إلى الأمِّ وأبيها، فيكونُ تشريفًا وتعريفًا، مع صحَّتِهِ حقيقةً؛ لوجودِ معنى الولادةِ.

ويدخُلُ على كونِ انتسابِ الحسنِ والحسينِ إلى النبيِّ تشريفًا: أنَّ النسبَ عندَ حكايةِ العربِ والسلفِ في الصدرِ الأوَّلِ يَنتهي إلى المعرَّفِ والمشرَّفِ به؛ فيُقالُ: الحسنُ بن محمَّدٍ رسولِ اللهِ ، ويُنتهى إلى ذلك، وعندَ إرادةِ وصلِه يُرجَعُ به إلى الأبِ؛ فيُقالُ: "الحسنُ بن عليِّ بنِ أبي طالبِ بنِ عبد المطَّلبِ".

* * *

قال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٩٦ - ٩٧].

التوسعةُ في استقبالِ القبلةِ:

تقدَّمَ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] الكلامُ على الحِكْمةِ مِن الحسابِ بالأَهِلَّة، وفي قولِهِ تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] الكلامُ على التوسعةِ في استِقبالِ القِبْلةِ بدَلَالةِ الشمس، لا بضَبْطِ النجومِ؛ لأنَّ دلالةَ الشمسِ أوسَعُ وأيسَرُ، ودلالةَ النجمِ أضيَقُ وأشَقُّ، وإنْ كان النجمُ أدَقَّ وأضبَطَ؛ لأنَّ المقصودَ في معرفةِ جِهَةِ القِبْلةِ التوسعةُ؛ ولهذا لا يُشترَطُ التصويبُ على القِبْلةِ لِمَنْ كان بعيدًا عنها؛ وإنَّما الواجبُ الصلاةُ إلى جِهَتِها، ولكنْ مَن كان في المسجدِ يَرى البيتَ، فلا يَجْزِيهِ إلَّا التصويبُ، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>