للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ! ) (١)، ونفيُ الخَلْقِ المذكورُ في القرآن؛ كقولِه: ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج: ٧٣] , ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [النحل: ٢٠]: المرادُ به: نفيُ الخَلْقِ بعد عدمٍ، وإيجادِ المادةِ عن لا شيءٍ، ونفيُ القدرةِ على مُضَاهَاةِ خَلْقِ اللهِ الذي بينَ أيدِيهِم، وهؤلاء المَعبُودونَ - سواءٌ كانوا أصنامًا أو بشرًا أو جِنًّا - أَعجزُ عن فعلِ ذلك.

والنسبةُ الجائزةُ في الخَلقِ هي الصورةٌ الظاهرةُ، أو الرسمُ؛ محاكاةً لظاهرِ المخلوقاتِ، لا لحقيقتِها.

واللهُ يَقضِي مِن أمرِهِ ما يشاءُ لأنبيائِه وأُمَمِهم، فجعَلَ خَلْقَ عيسى بيدِهِ ما يُشابِهُ خَلْقَ اللهِ إعجازًا وآيةً، وجعَلَهُ في أُمَّةِ محمدٍ حرامًا؛ لمُضاهاتِهِ خَلْقَ اللهِ، ولكيلا يُتَّخَذَ ذريعةً للعادةِ مِن دونِه، وكل ذلك مُنْتَفٍ في فِعْلِ عيسى؛ فعيسى فعَلَ ذلك بأمر اللهِ؛ فجعَل اللهُ فِعل عيسى مخلوقًا بإذنِه، فلم يَبْقَ على حالِه.

حكمُ الصُّوَرِ والتماثيلِ:

ولا خلافَ أنَّ اللهَ قد حَرَّمَ على أُمَّةِ محمدٍ الصُّوَرَ والتماثيلَ المُشابِهةَ لخَلْقِ اللهِ؛ مِن ذواتِ الأرواحِ مِن حيوانٍ أو إنسانٍ، سواءٌ رُسِمَت باليدِ، أو نُحِنَتْ بحَجَرٍ أو خشبٍ أو مَعْدِنٍ، أو صُنِعَت بآلةٍ الكترونيَّةٍ؛ ففي "الصحيحَينِ"، عن النبيِّ ؛ أنّه قال: (قَالَ اللهُ ﷿: وَمَن أَظَلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخلُقُ كَخَلْقِي؟ ! فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً) (٢).

وفي حديثِ أبي جُحيفَةَ في "الصحيحِ"؛ قال : (لعَنَ اللهُ المُصوِّرينَ) (٣).


(١) أخرجه البخاري (٥٩٥١) (٧/ ١٦٧)، ومسلم (٢١٠٨) (٣/ ١٦٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٥٩) (٩/ ١٦١)، ومسلم (٢١١١) (٣/ ١٦٧١).
(٣) أخرجه البخاري (٥٣٤٧) (٧/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>