للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الصحيحَيْنَ"؛ مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ؛ قال: سمِعتُ النبيَّ يقولُ: (إِنَّ أَشدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ: المُصَوِّرُونَ) (١).

وقد أمَرَ النبيُّ بطَمْسِ التماثيلِ عندَ القدرةِ عليها؛ كما في وصيَّتِه لعليٍّ في "الصحيحِ" (٢).

ولا حرَجَ مِن دخولِ أماكنِ البيعِ والأسواقِ التي فيها تصاويرُ يُعجَزُ عن نَزْعِها؛ ويكونُ ذلك بمقدارِ المرورِ والحاجةِ مع الكراهةِ القَلْبيَّةِ؛ ففي "المصنَّفِ" لابن أبي شيبة؛ مِن حديثِ المُعْتَمِرِ، عن أبيهِ، قال: "سمِعتُ الحسنَ يقولُ: أوَلم يكُنْ أصحابُ محمدٍ يدخُلُونَ الخاناتِ فيها التصاويرُ؟ ! " (٣).

ورُوِيَ هذا عن مسروقٍ والنخَعيِّ.

وكانوا يَكرَهُونَ مِن الصُّوَرِ المنصوبَ، وأمَّا ما كان في الأرضِ والسقفِ، فلم يُشَدِّدْ فيه بعضُ فقهاءِ الكوفةِ كإبراهيمَ؛ فقد قال: "لا بأسَ بالتمثالِ في حِلْيَةِ السيفِ، ولا بأسَ بها في سماءِ البيتِ؛ إنَّما يُكرَهُ منها ما يُنصَبُ نَصْبًا؛ يعني: الصورةَ" (٤).

وكلُّ مُعظَّمٍ محترَمٍ مِن الصُّوَرِ ولو كان في السقفِ، فهو حرامٌ.

وما كان مُمْتَهَنًا في الأرضِ والبُسُطِ والأحذيةِ، وما كان مِن الأُزُرِ والسراويلِ والخِفَافِ والجواربِ والمَجالس والمراتبِ والأرائكِ: فجائزٌ، ورُوِيَ عن أكثرِ السلفِ عدمُ كراهةِ ذلك؛ صحَّ ذلك عن ابنِ سِيرِينَ، وسعيدِ بنِ جُبيرٍ، وعِكْرِمةَ، وعطاءِ بنِ أبي رباحٍ، وسالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، وعروةَ بنِ الزُّبيرِ.


(١) أخرجه البخاري (٥٩٥٠) (٧/ ١٦٧)، ومسلم (٢١٠٩) (٣/ ١٦٧٠).
(٢) أخرجه مسلم (٩٦٩) (٢/ ٦٦٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٥٢٠٤) (٥/ ١٩٩).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٥٢٠٧) (٥/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>