للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصويبُ جهةَ القبلةِ:

وتتضمَّنُ الآيةُ التوسعةَ في استقبالِ القِبْلةِ حتى عندَ معرفةِ جهتِها؛ فلا يُشترَطُ التصويبُ لمَن لم يَرَها، فمَن صلَّى إلى الجهةِ ولو انحرَفَ درجةً أو دَرَجاتٍ، يَمْنةً أو يَسْرةً -: صَحَّتْ صلاتُهُ، ما دامتْ ناحيتُهُ لم تتغيَّرْ.

فمَنْ كان في المدينةِ، فجهتُهُ ما بينَ المشرقِ والمغربِ يصلِّي نحوَها، ولو تقلَّبَ بينَها مِن غيرِ تغيُّرِ الجهةِ لا يشدَّدُ عليه إذا لم يصوِّبْ؛ لظاهرِ الآيةِ، ولِمَا رواهُ أحمدُ في "مسندِهِ"، والتِّرمِذيُّ؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ المَخْرَمِيِّ، عن عثمانَ بنِ محمدٍ الأَخْنَسِيِّ، عن سعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ ؛ قال: (مَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ قِبْلَةٌ) (١).

والأَخْنَسيُّ وثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وغيرُهُ، وعبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ المَخْرَميُّ له مناكيرُ؛ كما قاله ابنُ المَدِينيِّ، وقال أيضًا: روي عن سعيدِ بن المسيَّبِ، عن أبي هريرةَ أحاديثَ مناكيرَ (٢).

وأخرَجَه الترمذيُّ وابن ماجهْ؛ مِن طريقِ أبي مَعْشَرٍ نَجِيحٍ السِّنْديِّ، عن محمدِ بن عمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ (٣).

وقد وَهِمَ فيه أبو معشرٍ؛ وهو ضعيفُ الحديِث؛ قال النَّسَائِيُّ: "وأبو معشرٍ المدنيُّ اسمُه نَجِيحٌ؛ وهو ضعيفٌ، ومع ضعفِهِ أيضًا كان قد اختلَطَ، عندَه أحاديثُ مناكيرُ؛ منها: محمدُ بن عمرٍو، عن أبي سلمةَ،


(١) أخرجه الترمذي (٣٤٤) (٢/ ١٧٣).
(٢) ينظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٦/ ١٦٦)، و"علل الترمذي" (١/ ١٦١)، و"تهذيب الكمال" (١٩/ ٤٨٩).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٤٢) (٢/ ١٧١)، وابن ماجه (١٠١١) (١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>