وقولُه تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾، ابتَدَأَ اللهُ بالأمرِ بغَسلِ الوجهِ؛ لأنه أول الفروض، وفي هذا دليل على أنه لا يجب شيء قبلَه، وقد جاءتْ جملة مِن الأحكامِ السابقةِ لغَسلِ الوجهِ؛ كالتسميةِ وغَسلِ الكفَّينِ:
التسمية عند الوضوءِ:
فأما التسميةُ: فلم يَذكُرِ الله البسملةَ؛ لأنها سنة وليست بفريضةٍ، وقد جاء في الأمرِ بها عِدة أحاديثَ مِن طرقِ كثيرة معلولة، والصحابةُ والتابعونَ وأتباعهم وعامة الفقهاءِ على الاستحباب لا الوجوب، إلا قولا لأحمدَ، والأظهَرُ عنه: عدمُ الوجوب، وأحمَد يُعِلُّ أحاديثَ البابِ ويقولُ:"ليس فيه إسنادٌ"؛ يعني: يصح، وابنُ أبي شيبَةَ يُصحِّحُ الحديثَ ولم يُورِد فيه عملا للسلفِ يقول بوجوبِه.
وحمَلَ ربيعةُ الرأيِ نفيَ صحةِ الوضوءِ بدون البسملةِ في الحديثِ على عدمِ النية، كالذي يغتسلُ ويتوضَّأ ولا يَنوي وضوءا للصلاةِ ولا غُسلًا للجنابة، وكأنه شبهَهُ بقولِ اللهِ تعالى في الذبحِ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] على قولِ كثيرِ مِن العلماءِ.
غسلُ الكَفَّينِ في أول الوضوء:
وأما غسل الكفينِ: فهو على الاستحباب، وقد جاء في صورتينِ:
الأولى: قبلَ كل وضوء أن تغسَلَ الكفانِ مرة أو مرتَينِ أو ثلاثا، وهو مستحبٌّ بلا خلافٍ، وهذه الغسلة مُتعلقة بالبدءِ بالوضوءِ تنقية لليدِ ممَّا يحتمِل وروده عليها؛ حتى لا يُصيبَ الماءَ أو الوجهَ وبقيةَ الأعضاءِ منه شيء.