مِن الأصنافِ الثمانية، لكنْ لا يَجوزُ أن تُعطَى جميعُها للعامِلينَ عليها حتَّى لا يَصِلُ منها شيءٌ لغيرِهم؛ لأنَّ العامِل أُعطِيَ لأنَّه وسيلةٌ لغيرِه، والباقونَ غايةٌ؛ فلا تُعطى الوسيلةُ لتَتعطَّلَ الغايةُ.
صُوَرُ العَمَلِ على الزَّكَاةِ:
والعملُ على الزكاةِ يكونُ في صورٍ ثلاثٍ:
الصورةُ الأُولى: الذين يَقومونَ بتتبُّعِ الأغنياءِ وجَلْب الزكاةِ منهم إلى بيتِ المالِ.
الصورةُ الثانيةُ: الذين يَقومونَ بحِفْظِها وتخزينِها وحِسَابِها عندَ وصولِها إلى بيتِ المالِ؛ وذلك أنَّ للزَّكاةِ مُقامًا بينَ الغنيِّ والفقيرِ تَحتاجُ إلى حفظٍ وجمعٍ وحسابٍ، فمَن قامَ بذلك، فهو مِن العامِلينَ عليها.
الصورةُ الثالثةُ: الذين يَقومونَ بقِسْمَتِها على الفُقراءِ إمَّا بتتبُّعِ أحوالِ الفقراءِ وسَبْرِها حتَّى يَصِلَ المالُ على وَجْهِهِ إليهم، أو بنَقْلِ المالِ مِن بيتِ المالِ إليهم، أو حِسابِهِ وقِسْمَتِهِ بينَ الفُقَراءِ حتَّى يَستوعِبَ الأصنافَ الثمانيةَ، أو يستوعِبَ صِنفًا منهم؛ حتَّى لا يَبقى منهم ذُو فاقةٍ ويُعطى مَن دُونَهُ، فهؤلاءِ مِن العامِلينَ عليها جميعًا.
مِقْدارُ نصيبِ العامِلِينَ عليها:
وليس للعامِلينَ عليها قَدْرٌ معلومٌ؛ وإنَّما بقَدْرِ سِعَايةِ الواحدِ منهم؛ فإنَّ العمَلَ والجُهْدَ يَختلِفُ؛ فمَن يَقومُ بالجِبَايةِ والصَّرْفِ يَختلِفُ عمَّن يقومُ بجِايةِ المالِ فقطْ، ومَن يقومُونَ بالجبايةِ يَختلِفُونَ بحسَبِ جُهْدِهم وبُعْدِ مَسافاتِهم؛ وذلك بحسَب اجتهادِ الإمام، ولا يَرجِعُ ذلك إلى اجتهادِ الحامِلِ بنَفْسِه؛ حتَّى لا يَأْخُذَهَ طمَعُ نفسِهِ فيُكثِرَ فيُجحِفَ بحقٍّ الفقراءِ.
ولا يَصِحُّ أنْ يُخرِجَ الغنيُّ زكاتَهُ بشَرْطِ ألَّا يأخُذَ العامِلونَ منها