للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُسمِّيهِ الناسُ: العاطِلَ الذي يَبحَثُ عن العمَلِ والتكسُّب، ولا يَجِدُهُ.

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يكونَ قويًّا لكنَّة تاركٌ للعمَلِ راغبًا عنه؛ لِكَسَلِهِ ودَعَتِه، فهذا قد اختُلِفَ في إعطائِهِ مِن الزكاةِ على قولَيْنِ:

مِن العلماءِ: مَن قال بعدَمِ جَوازِ إعطائِه منها؛ وبهذا قال الشافعيُّ وأبو عُبَيْدٍ وإسحاقُ.

ومِنهم: مَن قال بجوازِ ذلك ما لم يَملِكْ مِتئَتَيْ دِرْهمٍ؛ وبهذا قال مالكٌ وأهلُ الرأيِ.

والأظهَرُ: عدمُ جوازِ ذلك؛ فقد صحَّ في "المسنَدِ" و"السُّننِ"؛ مِن حديثِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ؛ قال: أخبَرَني رجُلانِ أنَّهما أتَيَا النبيَّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاع، وَهُوَ يقَسِّمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَصَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْن، فَقَالَ: (إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) (١).

ولظاهرِ قولِه : (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) (٢)، ولأنَّ في إعطائِهِ إعانةً له على رُكُونِهِ وكسَلِهِ وتَرْكِهِ التكسُّبَ.

وقولُه تعالى: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾، هم جُبَاةُ الزَّكَاةِ والصَّارِفونَ لها على أهلِها؛ فكلُّ مَن قامَ بجبايةِ الزَّكَاة، أو قامَ بصَرْفِها على أهلِها، أو قامَ على حِفْظِها، فهو مِن العامِلينَ عليها.

واتَّفَقَ العلماءُ على أنه يجوزُ أنْ تُعطَى الزكاةُ جميعًا لصِنْفٍ واحدٍ


(١) أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٤)، وأبو داود (١٦٣٣)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٢٣٩٠).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٤)، وأبو داود (١٦٣٤)، والترمذي (٦٥٢)؛ مِن حديث عبد الله بن عمرو.
وأحمد (٢/ ٣٨٩)، والنسائي (٢٥٩٧)، وابن ماجه (١٨٣٩)؛ مِن حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>