للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صلاةِ الخوف، وتخصيصُهُ بقوله، ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾؛ لقصدِ التشريعِ والاقتداءِ به؛ خلافًا لأبي يوسُفَ إذْ جعَلَ صلاةَ الخوفِ خاصَّةً به ؛ لظاهرِ الخطابِ في الآيةِ؛ قال اللهُ لنبيِّه : ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾، وهذا بعيدٌ؛ لأنَّ اللهَ قالَ بعد ذلكَ: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾.

مشروعيَّةُ صلاةِ الخوفِ للأمةِ:

فالنبيُّ مُعلِّمٌ يُقِيمُ لأمَّتِه، والأصلُ عمومُ الرسالةِ ووجوبُ الاقتداءِ بالرُّسُلِ، ولمَّا فعَلَ أصحابُ النبيِّ ومَن وراءَهُ صلاةَ الخوف، دلَّ على تعلُّقِ الحُكْمِ بالجميعِ لا به، ولو اختَصَّ به، لفعَلَهُ وحدَه، وأمَرَ أصحابَهُ بخلافِه؛ كالزيادةِ على أربعٍ في النِّكاح، وعَرْضِ المرأةِ نفسَها عليه، وكالوِصالِ بالصِّيام، وعلى عمومِ صلاةِ الخوفِ: أصحابُهُ مِن بعدِه، ولا اختِلافَ عندَهم في ذلك.

وجاء عنِ المُزَنيِّ صاحبِ الشافعيِّ: القول بنَسْخِ صلاةِ الخوفِ؛ وهذا بعيدٌ، وقد استَدَلَّ المُزَنيُّ نفسُهُ كما في "مختصَرِهِ" على جوازِ صلاةِ المتنفِّلِ بالمفترِضِ بصلاةِ النبيِّ صلاةَ الخوفِ بكلِّ طائفةٍ ركعتنِ ويُسلِّمُ، وأنَّ الرَّكعتَيْنِ الأخيرتَينِ له نافلةٌ ولهم فريضةٌ؛ كما في حديثِ جابرٍ وغيرِه، ولو كانتْ صلاةُ الخوفِ منسوخةً، لَنُسخَ ما تَبِعَها مِن أحكامٍ.

صلاةُ الخوفِ في الحَضَرِ:

وعامَّةُ العلماءِ على أداءِ صلاةِ الخوفِ في السفر، واختَلَفُوا في فِعْلِها حضَرًا على قولَيْنِ:

فجمهورُ العلماءِ على مشروعيَّتِها عندَ خوفِ العدوِّ حضَرًا وسفَرًا، فإنْ شابهَتْ حالةُ الخوفِ مِن العدوِّ في الحضَرِ حالةَ الخوفِ منه في السَّفَرِ، صحَّ؛ فإنَّ العدوَّ قد يُداهِمُ المُسلِمِينَ وهم في الحَضَرِ، فيَدفَعونَ ويُرابِطونَ على ثُغُورِها، وحُكْمُهم حينئذٍ حُكْمُ خوفِ المسافرِ مِن العدوِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>