للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإمَّا جِبِلَّةٌ لا اختيارَ لهم فيها، ومِن الجِبِلَّةِ تسبيحُهُمْ وحمدُهُمُ اللهَ؛ كما يُلهَمُونَ النَّفَسَ؛ كما في مسلمٍ؛ مِن حديثِ جابرٍ؛ قال : (يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ؛ كمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ) (١)، ولا يُقالُ بمشروعيَّةِ التسبيحِ والحمدِ مع كلِّ نفَسٍ يدخُلُ ويخرُجُ.

وأمَّا ما كان على سببلِ الاختِيارِ فاختارُوهُ، وحَمِدَهُم اللهُ عليه، فيُستحَبُّ فِعْلُهُ في الدُّنيا؛ لأنَّ نعيمَ المؤمنِ في الآخِرةِ مِن جنسِ نَعِيمِهِ في الدنيا، وإنْ لم يكن نعيمُ الدنيا مِثلَهُ ولا يُقارِبُهُ.

كفَّارةُ المَجْلِسِ:

وقد جاء عن النبيِّ دعاءٌ وذِكْرٌ عندَ خِتامِ المَجْلِس، وأصَحُّ شيءٍ في هذا البابِ: ما رواهُ أحمدُ وأهلُ "السنن"، عن أبي هريرةَ ؛ قال: قال رسولُ اللهِ : (مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَن يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ) (٢).

وقد أعَلَّ أحمدُ (٣)، والبخاريُّ (٤)، وأبو حاتمٍ وأبو زُرْعةَ (٥): بعضَ طُرُقِه، وهي روايةُ ابنِ جُرَيجٍ، عن موسى بنِ عُقْبةَ، عن سُهَيْلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، وله وجوهٌ عن أبي هريرةَ، وربَّما أعَلَّ الحُفَّاظُ طريقًا ويُريدونَ أصلَ الحديث، وربَّما قصَدوا الطريقَ عَنهُ، ويُعرَفُ ذلك بسياقِ الكلام، وشرطِ كلِّ واحدٍ في الكتابِ الذي قالهُ فيه.


(١) أخرجه مسلم (٢٨٣٥).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٤٩٤)، وأبو داود (٤٨٥٨)، والترمذي (٣٤٣٣) والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠١٥٧).
(٣) "علل الدارقطني" (٨/ ٢٠٣).
(٤) "التاريخ الكبير" (٤/ ١٠٥).
(٥) "علل الحديث" لابن أبي حاتم (٥/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>