متربِّصًا للعودةِ إلى بلدِ الإسلامِ في بلَدِهِ أو غيرِها، مِن غيرِ نيَّةِ دوامِ الإقامةِ في بلدِ الكفرِ.
الهجرةُ مِن بلدِ الكفرِ الذي يُظهِرُ في المسلمُ دينَهُ:
وقدِ اختلَفَ العلماءُ في الهجرةِ مِن بلدِ الكُفرِ الذي يَقدِرُ فيه أن يُقِيمَ المسلِمُ دِينَهُ، ويُظهِرَ شرائعَهُ ظاهرةً وباطنةً، عَلَى أقوالٍ؛ جِماعُها في قولَينِ:
القول الأَوَّلُ: وجوبُ الهِجْرة.
الثاني: عدمُ وجوبِها.
والأظهَرُ التفصيلُ؛ وذلك أنَّ بقاءَ المسلمِ في بلادِ الكفرِ لا يخلو مِن حالتَينِ:
الحالةُ الأُولى: أن تكونَ للمُسلِمِينَ مدُنٌ وقُرًى يُظهِرون فيها دينَهم، وتَظهَرُ فيها شوكتُهم؛ كالمُدُنِ والقُرَى والوِلَاياتِ التي نكونُ ضِمْنَ بلادٍ كفريَّةٍ اليومَ؛ كالهندِ وما وراءَ السِّنْدِ وما تحتَ روسيا، ففي الهندِ ولاياتٌ ومدنٌ فيها عشَراتُ الملايين وفي روسيا كذلك.
فهؤلاءِ إن أظهَرُوا دينَهم وشعائِرَهُمُ الخاصَّةَ والعامَّةَ، لم تَجِبْ عليهِمُ الهِجْرةُ، وذلكَ أنَّ لهم شوكةً وقُوَّةً يَحْمُونَ بها شعائِرَهم ودينَهم، ولهم حميَّةٌ تَحفَظُ دينَهم ودُنياهم، ولا يأثَمُونَ ببقَائِهم ولو كانوا ضِمْنَ دولةٍ كافرةٍ، فإن كانوا عَلَى قِلَّةِ وضَعْفٍ بالنِّسْبَةِ لدولةِ الكفرِ الحاكمة، تعَبَّدُوا واكتَفَوْا بإظهارِ شعائرِ الدِّين، وتَرَكُوا جهادَ دَوْلةِ الكفرِ التي فَوقَهم، حتَّى يتمكَّنُوا منه فيُجاهِدوا لِيُقيموا حُكمَ اللهِ فيهم.
الاحتماءُ بالكافِرِ:
وإن صال صائلٌ كافرٌ ولم يَقدِرُوا عَلَى دَفْعِهِ مِن أنفُسِهم، احتمَوْا ولو بكافرٍ، كما لم يُؤمَرْ مُهاجِرُو الحبشَةِ بالجهادِ؛ لقِلَّتِهم وضَعْفِهم في