للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخذَهُ، كما ثبَتَ عن أنسٍ - رضي الله عنه -؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ خَيْبَرَ "حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِه، حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "؛ رواهُ البخاريُّ (١).

وعن أبي موسى: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَادَ قَاعِدًا فِي مَكَانِ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْه أَو رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا" (٢).

أنواعُ عَوْرةِ الرجلِ:

وحديثَا أنسٍ وأبي موسى لا يَلزَمُ منهما أنَّ الفَخِذَ ليستْ بعورةٍ؛ وإنَّما فيهما التخفيفُ في الفخذَيْن، وأنَّ العورةَ بالنسبةِ للرَّجُلِ على نوعَيْنِ: عورةٌ مغلَّظةٌ، وعورةٌ مخفَّفةٌ:

فأمَّا العورةُ المغلَّظةُ: فهما السَّوْءَتانِ وما أحاطَ بهما مِن مَواضعَ، وهذه العورةُ لا يجوزُ إظهارُها إلَّا لزوجةٍ وما ملَكَتِ اليمينُ؛ ولا تَظهَرُ إلَّا للضَّرورة، ولا يجوزُ إبداؤُها في الحاجاتِ؛ كرفعِ الثوبِ عن طِينِ الأرضِ ووَحَلِه، أو عندَ الاغتِسالِ في البِرَكِ والمَسابح، وكلُّ حاجةٍ: لا تَحِلُّ فيها المحرَّماتُ؛ وإنَّما تَحِلُّ المحرَّماتُ في الضروراتِ؛ كالتطبُّبِ ونحوِه.

وأمَّا المخفَّفةُ؛ فالفَخِذ وما علَاها، ويجوزُ إظهارُها للحاجات، والحاجاتُ عارِضةٌ لا دائمةٌ، ويحرُجُ مِن هذا مَن اتَّحَذَ لِباسَا قصيرًا يُظهِرُ فخذَهُ! فهذا لباسٌ دائمٌ لا يجوزُ، ويدُلُّ على كونِها عورةً مخفَّفةً أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أبْداها في حاجة؛ كما في حديثِ أنسٍ لمَّا مَرَّ بحائطٍ بخيبرَ، أو على حالٍ لا يَظهَرُ فيه الاستدامةُ ككشفِ بعضِ الفخذِ حالَ الجلوسِ؛ كما في حديثِ أبي موسى، ففعَلَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جالسًا لا قائمًا؛ ولهذا لمَّا رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرٍ كَشَفَ عن رُكْبَتِهِ وهو قائمٌ مِن غيرِ مرورٍ بحائطٍ ولا وَحَلٍ؛ قال: (أمَّا صَاحِبُكُمْ، فَقَدْ غَامَرَ)؛ كما في البخاريّ، عن


(١) أخرجه البخاري (٣٧١).
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>