للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي الدَّرْداءِ ؛ قال: "كنتُ جالسًا عندَ النبيِّ إذ أَقْبَلَ أبو بكرٍ آخِذًا بطَرَفِ ثَوْبهِ حتى أَبْدَى عن رُكْبَتِه، فقال النبيُّ : (أمَّا صَاحِبُكُمْ، فَقَدْ غَامَرَ)، فسلَّمَ، فذكَرَ الحديثَ" (١)؛ وذلك أنَّ هذا الفعلَ لا يفعلُهُ إلَّا مَن نزَلَت به نازلةٌ مِن خصومةٍ أو شدَّة، والمُغامِرُ مَن يَرمي بنفسِهِ في الشدائدِ؛ وذلك أنَّ أبا بكرٍ كان بينَهُ وبينَ عمرَ شيءٌ، فجاءَ إلى النبيِّ بذلك.

ثم إنَّ أنسَ بنَ مالكٍ وأبا موسى لم يَذْكُرَا كَشْفَ النبيِّ للفخذِ مِن غيرِ بِيانِ السببِ والحال، ممَّا يُشعِرُ بأنَّها مخفَّفةٌ للحاجةِ لا على الدوام، بحيثُ تُفصَّلُ عليها الألبسةُ والأزُرُ والبناطيلُ، ولمَّا ذكَرَ أنسٌ أنه رأى فَخِذَ النبيِّ ، ظهَرَ أنه فعَلَ ذلك اعتراضًا، ولو لم يكنِ اعتراضًا، لَمَا ذكَرَهُ في موضعٍ معيَّنٍ.

والقولُ بأنَّ الفخذَ عورةٌ هو الاحتياطُ، ومَن قال بأنَّ الفخذَ ليستْ بعورةٍ يَشُقُّ عليه وضعُ حدٍّ للعورةِ؛ وذلك أنَّ الفخذَ كالسَّاقِ عضوٌ مُتَّصِلٌ؛ القولُ في أَدْناهُ كالقولِ في أَعْلاه، ومَنْ لم يجعَل أدْنى الفخذِ عورةً، لم يَقْدِرْ على حدِّ العورةِ بحدٍّ منضبطٍ في أعْلاها، ومَن قال بأنَّ أَدْنى الفخذِ ليس بعورةٍ، وجَبَ أن يقولَهُ في أعْلاها ممَّا ليس بفَرْجٍ، وهذا مجازَفةٌ.

وعن مالكٍ وأبي حنيفةَ وأحمدَ في روايةِ عنه؛ أنَّ الفخذَ عورةٌ مخفَّفةٌ، وقد جاء في غيرِ ما حديثٍ أنَّ (الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)! مِن حديثِ ابنِ عبَّاسِ (٢) وجَرْهَدِ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦١).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٧٥)، والترمذي (٢٧٩٦).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤٧٨)، وأبو داود (٤٠١٤)، والترمذي (٢٧٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>