للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختُلِفَ في الرُّكْبَةِ والسُّرَّةِ: هل هما مِن العورةِ أو لا؟ على قولَيْنِ مشهورَيْنِ:

فلم يجعَلْهما مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ في قولٍ عورةً.

وجعَلَهما أبو حنيفةَ عورةً.

ويأتي الكلامُ على عورةِ المرأةِ في سورتَيِ النورِ والأحزابِ.

* * *

قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: ٢٦].

ذكَرَ اللهُ مِنَّتَهُ فيما أنزَلَهُ وخلَقَه لآدمَ مِن النِّعْمةِ التي يجبُ عليه أنْ يأخُذَها وينتفِعَ بها، وهي اللِّباسُ؛ وهو: ما يستُرُ البدَنَ، والرِّياشُ؛ وهو؛ المالُ؛ كما قالهُ ابنُ عبَّاسِ (١)، وقيل: الرِّياشُ: هو ما يُتجمَّلُ به.

* * *

قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: ٢٨].

جاءتْ هذه الآيةُ بعدَ قصَّةِ آدمَ وحوَّاءَ مع إبليسَ، وما جازَى اللهُ كلًّا منهم، وكشفِ سَوْءَةِ آدمَ وحوَّاءَ، ثم تحذيرِ اللهِ لبني آدمَ مِن بَعْدِهما أنْ يُسَوِّلَ لهم الشيطان كَشْفَ عَوْرَاتِهم بقولِهِ تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: ٢٧] ثم ذكَرَ اللهُ بعدَ ذلك الفاحشةَ، مبيِّنًا أنَّ أوَّلَ ما يقعُ في بني آدمَ كَشفُ العورات، ثم تكون الفواحشُ؛ فالشَّرُّ خُطُواتٌ، فإنْ بدَأ جِيلٌ


(١) "تفسير الطبري" (١٠/ ١٢٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٤٥٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>