للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُعطِيَ أمانًا ولو بإشارةٍ، حَرُمَ على المُسلِمينَ قتلُهُ، ففرقٌ بينَ كافرٍ محارِبٍ يُدافِعْ عن كفرِه، يصحُّ لمِثْلِهِ العهدُ، وبينَ كافرٍ محارِبٍ طاعنٍ في الدِّين، لا يَصِحُّ لمِثْلِهِ عهدٌ.

صُوَرُ المجاهَرَةِ بالطَّعْنِ في الدِّينِ:

قولُه تعالى: {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ}: المراد بذلك: المجاهَرةُ بالطعنِ في الدِّينِ؛ كتمزيقِ المصاحف، أو سَبِّ اللهِ ونبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - في الميادينِ العامَّة، أو إشهارِ ذلك والدَّعْوةِ إليه في وسائلَ إعلاميَّةٍ عامَّةٍ، وليس في كتبٍ ورسائلَ ونوادٍ خاصَّةٍ لا تَضُرُّ المُسلِمينَ بتأليبٍ على قتالٍ، ولا استعداءٍ على انتهاكِ حُرُماتِ المُسلِمينَ.

ومِثْلُ ذلك: الاستهزاءُ علانيَةً بالشَّعَائرِ؛ كالأذانِ والصَّلاةِ والحجِّ وتعدُّدِ الزَّوْجاتِ والحُدُودِ والعقوبات، وأحكامِ اللهِ على النِّساءِ؛ مِن الحِجَابِ والعَفَاف، وأحكامِهِ على الرِّجَال؛ مِن إعفاءِ اللِّحَى وتشميرِ الإزارِ والجهادِ وغيرِ ذلك.

* * *

قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ١٤ - ١٥].

أرادَ اللهُ بذِكْرِ العذابِ في الآيةِ: {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ} عندَ المواجَهةِ بالقتالِ؛ مِن القتلِ والتشريدِ والخوفِ والرُّعْبِ وهَجْرِ الولَدِ والأهلِ والأرض، وليس المرادُ بذلك تعذيبَهم عندَ القُدْرةِ عليهم بالأَسْرِ؛ وذلك أنَّ تعذيبَ الأسيرِ محرَّمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>