للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخَرِ فِطْرةً، فتَضِيعُ الحقوقُ الماليَّةُ والزوجيَّةُ وغيرُها تحتَ ستارِ العاطفةِ.

وإذا حَضَرَتِ العاطفةُ، فقد يغيبُ العقل، ويضيعُ العدلُ؛ لهذا فقد جعَلَ الله لها وليًّا في نِكاحِها لا تَحضُرُ العاطفةُ معه لي مُقابِلِ الرجُل، فيَحفَظُ للمرأةِ حقَّها في مهرِها واختيارِ زوحِها وشروطِ نِكاحِها، ولو جاز للنِّساءِ أنْ يَعْقِدْنَ لأنفُسِهنَّ على الرحال، لَضَاعَتْ حُقُوقُهُنَّ؛ فجعَلَ اللهُ بينَهما وليًّا يقومُ بما قد يَفُوتُ مِن حَظِّها؛ لحضورِ عاطفتِها مع الرجُلِ الأجنبيِّ عنها، وإذا زوَّجَها وليُّها، انتقَلَتِ القِوامةُ إلى زوجِها الذي كانتْ هي تحتاجُ إلى قيِّمٍ يقومُ بأمرِ زواجِها منه؛ لأنَّ الزوجَ قبلَ العقدِ أجنبيٌّ، وبَعْدَهُ قريبُ يَحفَظُ حقَّها، وَيَرْعَى شأنَها.

وقولُه تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ يعني: أُمَرَاءَ بالحقِّ وطاعةِ اللهِ، فيجبُ على الزوجةِ طاعةُ زوجِها، وحفظُ مالِهِ وعهدِه، وولدِهِ وبيتِه، والإحسانُ إلى أهلِهِ ووالدَيْهِ؛ روى عليُّ بن أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: "يعني: أُمَرَاءَ، عَلَيْهَا أَنْ تُطيعَهُ فِيمَا أَمَرَهَا اللهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِه، وَطَاعَتُهُ. أَنْ تَكُونَ مُحْسِنَةً إِلَى أَهْلِه، حَافِظَةً لِمَالِه، وَفَضَّلَهُ عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيِهِ" (١)؛ وبنحوِه قال الضَّحَّاكُ (٢).

الإمارةُ والقوامةُ تكليفٌ:

والأصلُ في الإمارةِ: أنَّها تكليفٌ، لا تشريفٌ؛ لأنَّ غُرْمَها أعظَمُ مِن غُنْمِها؛ لهذا جاء في الشريعةِ التحذيرُ مِن طلبِ الوِلَايةِ والتشوُّفِ لها، وأنَّ الأصلَ في أهلِ الوِلَاياتِ: أنَّهم يُبعَثونَ مَغْلُولةً أيدِيهم إلى أعناقِهم؛ حتى يَثبُتَ عَدْلُهم وبِرُّهم لِمَنْ تحتَهم.


(١) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٨٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٩٣٩).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>