للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنحوِ هذا القولِ قولُ مَن قال: مجرورٌ بالباءِ المُقدَّرَةِ؛ أيْ: تَساءَلونَ باللهِ وبالأرحام، والصحيحُ عندَ النحْويِّينَ جوازُ العطفِ على الضميرِ المجرورِ بدونِ إعادةِ الجارِّ.

ورُوِيَ القولُ بالجرِّ عن مُجاهِدٍ والنخَعيِّ والحسَنِ.

روى ابنُ أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهدٍ: " ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾؛ قَالَ: هُوَ أَنْشُدُكَ بِاللهِ والرحِمِ"؛ أخرَجَهُ ابنُ المُنذرِ وابنُ جريرٍ (١).

ورُوِيَتْ هذه قراءةً عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ.

والثانيةُ: بالنصبِ عطفًا على قولِه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ أي: اتَّقُوا اللهَ والأرحامَ؛ وبهذا قرَأَ الجمهورُ.

وعلى الثانيةِ يُسأَلُ باللهِ وحدَهُ، وتُتَّقَى معصيتُهُ وقطيعةُ الأرحامِ.

السؤالُ بالرحِمِ:

وليس في القراءةِ الأُولى قَسَمٌ بغيرِ الله، وحَمَلَ الكسرَ فيها المفسِّرونَ على معانٍ؛ منها: ما صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ والحسنِ: "اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءَلونَ به، واتَّقُوهُ في الأرحامِ فَصِلُوهَا" (٢).

وصحَّ عن مُجاهدٍ وغيرِه؛ قالُوا: "أيْ: أنْشُدُكَ بِاللهِ والرحِمِ" (٣).

ومنها ما صحَّ عن النَّخَعيِّ؛ قال: "اتَّقُوا اللهَ الذي تَعَاطَفُونَ به والأرحامِ؛ يقولُ: الرجلُ يَسألُ باللهِ وبالرَّحِمِ" (٤).

وليس في ذلك حَلِفٌ وقَسَمٌ بغيرِ اللهِ؛ وهذا نظيرُ ما رواهُ أحمدُ في "عِلَلِه"، وابنُ مَعِينٍ في "معرفةِ الرجالِ"، والطبرانيُّ، عن الشعبيِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ؛ قال: "كنتُ أسألُ عليًّا الشيءَ، فيَأْبَى عليَّ،


(١) "صحيح البخاري" (٤٩٩٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٣٤٧ - ٣٤٨)، و"تفسير ابن المنذر" (٢/ ٥٤٩).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "تفسير الطبري" (٦/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>