للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ، أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لم تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ)؛ رواهُ البخاريُّ، عن أبي هريرةَ (١).

وذكَرَ اللَّهُ الأكلَ في الآيةِ: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}؛ لأنَّ الأكلَ أقوى مِن شَهْوةِ المَلْبَسِ والمَسْكَنِ والمَنْكَحِ؛ فلا حياةَ بدونِهِ، ويدخُلُ في معناه ولفظِهِ ما دُونَهُ مِن المَلْبَسِ والمَسْكَنِ والمَنْكَحِ؛ لأنَّ المالَ الرِّبَويَّ إذا حَرُمَ في الأكلِ، فالملبَسُ والمسكَنُ مِن بابِ أَوْلَى، وإذا حَرُمَ في الملبَسِ فلا يلزَمُ أن يحرُمَ في غيرِهِ كالمأكلِ.

ثمَّ إنَّ الأكلَ يدخُلُ في معنى الإهلاكِ والإتلافِ، وكلُّ مالٍ يُهلِكُهُ ويُتلِفُهُ الإنسانُ أو الحيوانُ أو الأرضُ أو النارُ، يُقالُ له: أُكِلَ؛ قال تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} [آل عمران: ١٨٣].

وقولُ يوسفَ في تأويلِهِ: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} [يوسف: ٤٨]، والسبعُ التي تأكُلُ هي السِّنُونَ والأعوامُ.

عقوبةُ الربا:

ويجبُ على الحاكِمِ مَنْعُ الرِّبا، ويجبُ على القاضي العقوبةُ عليه بالتعزيرِ حبسًا وجَلْدًا، ومَنْ لم يَتُبْ منه معانِدًا بعدَ حَبْسِهِ وجَلْدِه، فيصحُّ قتلُهُ تعزيرًا؛ عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ - عز وجل -: " {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩]: فمَن كان


(١) أخرجه البخاري (٢٤٤٩) (٣/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>