للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُحرِّمُ اللهُ ما أصلُهُ مباحٌ، إلا لأجلِ تفويتِ واجبٍ أو وقوعٍ في محرَّمٍ.

الثاني: الرحمُ غيرُ المحرَّمة، وهم مَن غيرُ النوعِ الأول، وأعظَمُهم حقًّا أقرَبُهُمْ رحمًا، وأقربُهُمْ رحمًا مَن يتَّصِلُ بأقربِ الأرحامِ المحرَّمِينَ، فأقربُهم منه أعظمُهم حقًّا؛ كأولادِ العمِّ والخال، وأولادِ العمَّةِ والخالةِ.

حكمُ صلةِ الرحمِ:

ويتَّفِقُ العلماءُ على وجوبِ صِلَةِ الأرحامِ مِن النوعِ الأول، ويختلِفونَ في وجوبِ صِلةِ النوعِ الثاني - مع الاتِّفاقِ على فضلِه - على قولَيْن، وهما قولانِ أيضًا للإمام أحمَدَ:

فذهَبَ جمهورُ العلماءِ: إلى وجوبِ صلةِ الأرحامِ محارمَ وغيرَ محارمَ، وحقُّهم بمقدارِ قُرْبِهم حسَبَ الطاقةِ والوُسْعِ؛ لعمومِ الأدلةِ في صلةِ الرحِمِ مِن غيرِ تفريقٍ بمحرَّمةٍ وغيرِ محرَّمةٍ.

والأظهرُ: وجوبُ صِلَةِ الرحِمِ المُحرَّمة، وأمَّا غيرُ المُحرَّمة، فعلى حالَيْنِ:

الأُولى: رحِمٌ غيرُ مُحرَّمٍ محتاجٌ إلى رحِمِه، فيجبُ وصلُه، وتجبُ كفايتُهُ وقضاءُ حاجتِهِ على القادرِ مِن ذوي رحِمِهِ الأقرب فالأقرب؛ لأنَّهم أَوْلى الناسِ به، ويَرِثُهُ ويَرِثُونَهُ عندَ عدمِ وجودِ أصحابِ الفُرُوضِ مِن ورَثَتِه.

ويتعيَّنُ على الحاكمِ إلزامُ قرابتِهِ القادِرِينَ بكفايةِ المحتاجِ مِن أرحامِهِمْ وسَدِّ حاجتِهِمْ، وكلَّما كانتْ حاجةُ ذوي الرحمِ أشَدَّ، كان الوصلُ له أوجَبَ؛ قال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنقال: ٧٥, والأحزاب: ٦]، وقد جعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الدِّيَةَ في العَاقِلَة، وهم القَرَابَةُ ولو كانوا مِن غيرِ ذوي الأرحامِ؛ لحقِّ الرحِمِ في العَوْنِ ولو كان بعيدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>