للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعَون لم يَسمَعه مِن ابنِ مسعود، والمسعودي متكلم فيه.

ألفاظُ الإلزامِ والتأكيدِ:

وقد ذكَرَ اللهُ في هذه الآيةِ اليمينَ وأطلَقها في قولهِ: {فِي أَيْمَانِكُمْ} وقوله: {عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}، وقولهِ: {كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ}، وقوله: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، ولم يذكُر ما أُكِّدَت به مِن اسم وصفَةٍ؛ ولذا اختلَفَ العلماء في الألفاظِ التي ليست بصِيغِ قسَم ولا حَلِف، وإنَّما يَستعملها الناسُ للإلزامِ؛ كقولِهم: علي كذا وكذا، لَأفعَلَنَّ كذا، وقولِهم: إنْ فعلت كذا أو تركتُ كذا، فعليَّ كذا وكذا؛ فمنهم مَن جعلَها يمينًا تَلزَم فيها الكَفارةُ؛ كمالك، ومنهم من جعلَها نذرًا لا يمينًا، كالشافعي وأحمدَ، يجب على الناذرِ الالتزامُ بما نذَرَ، ولا يجب فيها كفارة؛ لأنها ليست بيمين، وقد جاء في ظاهِرِ القراَنِ تسميتها يمينًا؛ كما في قولِ اللهِ تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢]، فسمى التحريمَ يمينًا، وقد ثبَتَ في "المسنَدِ"، و"السنن"، عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (لَا نَذرَ في مَعصِيَةٍ، وَكفارَتهُ كَفارَةُ يمينٍ) (١).

وقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَو كِسْوَتُهُمْ أَو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}:

وقت كفارة اليمينِ:

تعجيل الكفارةِ قبلَ الحِنث جائز صحيح، ومَن فعَلَ ما حَلَفَ على تَركِه، أو ترَكَ ما حَلَفَ على فِعلِه، ثم كفرَ، جاز كذلك؛ وهو قولُ


(١) أخرجه أحمد (٢٦٠٩٨) (٦/ ٢٤٧)، وأبو داود (٣٢٩٠) (٣/ ٢٣٢)، والترمذي (١٥٢٤) (٤/ ١٠٣)، والنسائي (٣٨٣٥) (٧/ ٢٦)، وابن ماجه (٢١٢٥) (١/ ٦٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>