للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقييمُها عندَ الحَوْل، ولا اعتبارَ بقيمتِها عندَ شِرائِها، والعروضُ التي لا تَجِدْ مشتريًا لها - لأنَّ الناسَ زَهِدُوا فيها مَهْمَا كان ثمنُها قليلًا - فهذه لا قيمةَ لها؛ وعلى هذا لا زكاةَ فيها، واللهُ أعلَمُ.

فَضْلُ الدُّعَاءِ للمتصدِّقِ:

قولُهُ تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، فيه استحبابُ الدُّعَاءِ للمتصدِّقِ في نفسِهِ وولَدِه، وبالبرَكَةِ في مالِه؛ وقد قال أهلُ الظاهرِ بالوجوب، وليس بصحيحٍ، بل هو مستَحَبٌّ، ولم يقُلْ أحدٌ بوجوبِه مِن السلفِ والأئمَّةِ.

وإنَّما أمَرَ اللهُ نبيَّهُ بالدعاءِ لهم؛ لعِظَمِ أثرِ دعوةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي مخصوصةٌ بالقَبُول، ولِفَضْلِ الدعاءِ عامَّةً؛ فإنَّه يُورِثُ سَكَنًا وطُمَأْنينةً، يَجِدُهما المدعوُّ له في نَفسِه، فيتذكَّرُ اللهَ فيُخلِصُ، ويتذكَّرُ ثوابَة فيَنتظِرُهُ ويَرْجوه، ولا يتعلَّقُ قلبُهُ بما فاتَ مِن مالِه.

وأصل الحُكمِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومَن قام مقامَه، ومع أنَّ أَخْذَ النبيِّ أعظَمُ مِن أخذِ غيرِه، وإعطاءَهُ أعظَمُ مِن إعطاءِ غيرِه، وصلاتَهُ أعظَمُ مِن صلاةِ غيرِه؛ فإنَّ الأخذَ والدعاءَ مِن الجميعِ مشروعٌ، والدعاءُ عامٌّ لكلِّ قابضٍ للزكاةِ مِن دافِعِيها، وكما أنَّ الأخذَ في قولِه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} عامٌّ لكلِّ ذي أمرٍ؛ فإنَّ قولَه تعالى، {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} عامٌّ كذلك لكلِّ قابضٍ.

وقد يَختَصُّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتوجيهِ الخطابِ إليه، ولا يَعني تخصيصَ الحُكْمِ به؛ وذلك لجُمْلةٍ مِن العللِ والأحكامِ:

منها: أنَّ الخطابَ يتَّجِهُ إلى الوُلاةِ أعظَمَ مِن غيرِهم؛ وذلك لأنَّهم أَوْلى مَن يقومُ بهذا الأمر، فتَوجَّهَ إليهم لبيانِ أنَّهم الأحَقُّ بالامتثال، وهذا كثيرٌ؛ ومِن ذلك قولُهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣]؛ لأنَّ أمورَ الجهادِ تتَّجِهُ في أصلِها إلى الحاكم، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>