التشديدُ على الشاربِ؛ لأنَّ أبا جندلٍ أظهَرَ استدلالَهُ على شُرْبِه؛ بقولِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: ٩٣]، وهذه شُبْهةٌ لو سَرَتْ في الناسِ وتُرِكَ أبو جَنْدَلٍ لأَجْلِها، لاستحَلَّ الناسُ الخمرَ؛ وهذه فِتْنةٌ؛ ولذا كتَبَ عمرُ لأبي عُبَيْدةَ: "إنَّ الذي زَيَّنَ لأبي جندلٍ الخطيئةَ، زيَّنَ له الخصومةَ؛ فاحدُدْهم" (١).
وقولُ اللَّهِ تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾؛ أيْ: فُرِضَ وأُلزِمَ.
والكَتْبُ: هو الجمعُ؛ في اللغةِ.
والقِصَاصُ: هو عقوبةُ الجاني بمِثْلِ ما جَنَى، والقِصَاصُ مِن "قَصَّ"؛ أيِ: اتَّبَعَ، والمرادُ: تتبُّعُ أثرِ الشيءِ ومطابقةُ اللاحقِ للسابقِ؛ أيِ: العقوبةُ بمِثلِ العقوبةِ السابقةِ.
وقَصَصْتُ أثرَهُ وقَصَّيْتُهُ: اتَّبَعْتُهُ قَصَصًا؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١]، وقال تعالى: ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤].
والقِصَاصُ يكونُ في النفسِ وفي الجروحِ؛ وذلك لقولِهِ في سورةِ المائدةِ: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [٤٥].
المساواةُ في القِصَاصِ:
وفي الآيةِ: دليلٌ على مساواةِ المؤمنينَ في الدماءِ: الوضيعَ والرفيعَ، والذَّكَرَ والأُنثى، ولا خلافَ عندَ العلماءِ أنَّ القِصَاصَ يتساوَى بينَ الذَّكَرِ والأُنثى، والعبدِ والعبدِ.
الخلافُ في القصاصِ بين الحرِّ والعبد:
واختلَفُوا في القِصَاصِ بينَ الحُرِّ والعبدِ:
(١) المصدر السابق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute