للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جمهورُ العلماءِ: إلى أنَّ الحُرَّ لا يُقتَلُ بالعبدِ؛ قال به مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ (١)، وهو قولُ أبي بكرٍ، وعمرَ؛ فقد روى ابن أبي شيبة والدارقطنيُّ والبيهقيُّ؛ مِن حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه: "أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ كانا لا يَقتُلانِ الحُرَّ بقتلِ العبدِ" (٢)، وقال به أكثرُ فقهاءِ الحجازِ؛ كعطاءٍ، وعمرِو بنِ دِينارٍ، وعِكْرِمةَ، والزُّهْريِّ، وهو قولُ الحسنِ (٣).

وقيَّدَهُ الشافعيُّ بمشيئةِ الحُرِّ أنْ يُقتَصَّ منه.

وعلَّلَ غيرُ واحدٍ ممَّن قال بعدمِ التكافؤِ في الدماءِ، بأنَّ الحُرَّ كاملُ الأمرِ في أحكامِ الإسلامِ، والعبدَ ناقصٌ في أحكامِ الإسلامِ.

ورُوِيَ في البابِ حديثُ ابنِ عباسٍ عن عمرَ، مرفوعًا: (لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ، وَلَا وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ) (٤)؛ ولا يصحُّ.

وذهَبَ أهلُ الكوفةِ - كأبي حنيفةَ، وأصحابِهِ - إلى تساوِي القِصاصِ بينَ الحرِّ والعبدِ؛ وقال به الثوريُّ، وابنُ أبي ليلى، والنَّخَعيُّ.

وصحَّ القولُ له عن سعدِ بنِ المسيَّبِ؛ رواهُ عبدُ الرزَّاقِ؛ مِن حديثِ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ، عن ابنِ المسيَّبِ؛ قال: "يُقْتَلُ به، لو كَانُوا


(١) ينظر: "الأم" للشافعي (٦/ ٢٦)، و"مسائل أحمد وإسحاق بن راهويه" (٧/ ٣٣٣٢)، و"المغني" (٨/ ٢٧٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٧٥١٥) (٥/ ٤١٣)، والدارقطني في "سننه" (٣٢٥٥) (٤/ ١٥٥)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (٨/ ٣٤)، وغيرهم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٨١٣٦، ١٨١٣٨) (٩/ ٤٩٠)، و (١٨١٤٠، ١٨١٤١) (٩/ ٤٩١)، و (١٨١٥٨) (١٠/ ٦).
(٤) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢٨٥٦) (٢/ ٢٣٤)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (٨/ ٣٦)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>