للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِئَةً، لَقَتَلْتُهُمْ به" (١).

وفيه حديثُ الحسنِ، عن سَمُرةَ بنِ جندبٍ، مرفوعًا: (مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ) (٢)؛ رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وغيرُهما؛ ولا يصحُّ؛ فقد أنكَرَ شُعْبةُ وابنُ مَعِينٍ وغيرُهما سماعَ الحسنِ مِن سَمُرةَ، والحسنُ البصريُّ - راوِي الحديثِ عن سَمُرةَ - قال بخلافِه (٣).

ولا يصحُّ في البابِ شيءٌ في السُّنَّةِ، وإنَّما هو قولٌ لبعض السلفِ مِن الصحابةِ والتابِعِينَ.

ورُوِيَ عن عليٍّ قولانِ في البابِ، ولا يصحُّ.

والأصحُّ القولُ الأوَّلُ؛ لأنَّه قولُ أبي بكرٍ وعمرَ، ولا يَنْبَغي أن يجتمِعَا على قولٍ، ويكونُ الصوابُ في قولِ غيرِهما، ولا يجتمعانِ إلا على أثرٍ وسُنَّةٍ؛ ولأجلِ هذا مالَ أئمَّةُ الأثرِ إلى قولِهما؛ مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ.

وقولُ اللَّهِ تعالى: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾؛ التخفيفُ بالدِّيَةِ، ولم تكنِ الديةُ حُكْمًا لدى بني إسرائيلَ؛ وإنَّما القِصَاصُ في العَمْدِ، ولكنَّ اللهَ خَفَّفَ على هذه الأُمَّةِ بجوازِ عفوِ أولياءِ الدمِ وقَبُولِ الديةِ أو العفوِ عنها أيضًا؛ وهذا مِن تمامِ رحمةِ اللهِ بأمَّةِ محمدٍ وتخفيفِهِ عليها.

روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن سُفْيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ؛ قال: كان فِي بني إِسْرائِيلَ القِصَاصُ، وَلم تَكُنْ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٨١٣٢) (٩/ ٤٨٩).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠١٢٢) (٥/ ١١)، وأبو داود (٤٥١٥) (٤/ ١٧٦)، وغيرهما.
(٣) "تاريخ ابن معين" "دوري" (٤/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>