وأدوَمُ للمودَّةِ، وأقربُ لأمِّ الولدِ، وأحفَظُ للعهدِ؛ فالرجلُ أقربُ للقطيعةِ مِن المرأةِ؛ لانشغالِهِ ولقُوَّتِهِ، ورِقَّةِ المرأةِ وضعفِها، ولو كانتِ الحضانةُ عندَه، تثاقَلَ عن صلةِ أهلِ ولدِه، وصلتُهُ لهم أقربُ لعودةِ الزوجَيْنِ بعدَ الطلاقِ لو كان رجعيًّا.
الحضانةُ بعد التمييز:
واتَّفَقَ الأئمةُ الأربعةُ أنَّ الولدَ يكونُ عندَ أُمِّهِ إلى التمييزِ، واختَلَفُوا في بقائِه عندَها بعدَ ذلك على قولَيْنِ:
الأولُ: قالوا: يبقَى الغلامُ إلى بلوغهِ عندَ أمِّه ما لم تتزوَّجْ أمُّه، وأمَّا الجاريةُ، فتبقَى عندَ أمِّها حتى تتزوَّجَ الجاريةُ أو تتزوَّجَ أمُّها؛ وبهذا قال مالكٌ.
وذلك لِمَا روى أبو هريرةَ: أنَّ امرأَةً جاءتْ إلى النَّبيِّ ﷺ، فقالتْ له: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أبي عِنبَةَ، وَقَدْ نَفَعَنِي؟ فقال النَّبيُّ ﷺ:(اسْتَهِمَا عَلَيْهِ)، فقال زوجُها: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فقال النَّبيُّ ﷺ:(هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ)، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ (١).
سقوطُ الحضانةِ بزواجِ الأمِّ:
وإذا تزوَّجَتِ الأمُّ، سقَطَ حقُّها في الحضانةِ بلا خلافٍ، واختلَفُوا في بَدْءِ سقوطِ حقِّ الحضانةِ، مع اتِّفاقِهم على أنَّه يسقُطُ بدخولِ الزوجِ الجديدِ بها، واختلَفُوا في العقدِ: هل يسقُطُ الحقُّ له قبلَ الدخولِ أم لا؟ على قولينِ:
(١) أخرجه أبو داود (٢٢٧٧) (٢/ ٢٨٣)، والنسائي (٣٤٩٦) (٦/ ١٨٥).