للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأفضلُ: عدمُ الخَتْمِ دونَ ثلاثٍ إِلَّا في الأزمنةِ الفاضلةِ كالعَشْرِ الأخيرِ مِن رمضانَ، والناسُ يتفاوتونَ في مقدارِ ذكائهم وقُدْرتِهم على التدبُّرِ والتأمُّلِ؛ ولكنَّ الغالبَ أنَّ مَن قرَأ دونَ ثلاثٍ، فاتَهُ كثيرٌ من معاني القرآنِ أو أكثرها، وإذا كان السلفُ، وهم مَن هم في الفصاحةِ والبيانِ، ونزَل القرآنُ على لسانِهم، يذهب أكثرُهم إلى عدمِ القراءةِ دونَ ثلاثٍ، فغيرُهم في الزمنِ المتأخِّرِ مع شدةِ العُجْمةِ وضَعْفِ اللسانِ - أولى بالتزامِ ذلك.

ويُسَنُّ ألَّا يَتجاوزَ في قراءةِ القرآنِ الأربعينَ، فإنْ تجاوَزَها، كُرِهَ له ذلك، وهو أقصى حدٍّ ثبَت فيه الخبرُ؛ قال أحمدُ: "أكثرُ ما سَمِعتُ أنْ يَختِمَ القرآنَ في أربعينَ" (١).

وقد ثبَت في "الصحيحَيْنِ"؛ أنَّ النبيَّ قال لعبدِ اللَّه بنِ عمرٍو: (اقْرَأ القُرْآنَ فِي شَهْرٍ)، قال: إِنِّي أجِدُ قُوَّةَ، حَتَّى قَال: (فَاقْرَأهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِك) (٢).

وقد روى أبو داودَ؛ أنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ عمرٍو سَألَ النَّبِيَّ : كَم يُقْرَأ القُرْآنُ؟ قَال: (فِي أَرْبَعِينَ يَومًا)، ثُمَّ قَالَ: (فِي شَهْرٍ)، ثُمَّ قَالَ: (فِي عِشْرِينَ)، ثُمَّ قَالَ: (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ)، ثُمَّ قَالَ: (فِي عَشْرٍ)، ثُمَّ قَالَ: (فِي سَبْعٍ)، لَمْ يَنْزِلْ مِنْ سَبْعٍ (٣).

نِسْيانُ القرآنِ:

لا يَختلِفُ العلماءُ: أنَّ نِسيانَ القرآنِ إن كان عن إعراضٍ وصدٍّ زهدًا فيه ورغبةً عن العملِ به: أنَّ ناسيَهُ يأثمُ بذلك، وأنَّ نِسيانَهُ إن كان مِن غيرِ قصدٍ، لا يأثمُ به صاحبهُ؛ كمَنْ يَنساهُ لكِبَرٍ وهَرَمٍ أو


(١) "مسائل الإمام أحمد" رواية أبي داود (ص ١٠٣)، و"المغني" (٢/ ٦١١).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٥٤)، ومسلم (١١٥٩).
(٣) أخرجه أبو داود (١٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>