للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن العلماءِ: مَن جعَلَ الأيَّامَ الثلاثةَ: اليومَ السابعَ، واليومَ الثامنَ، وهو يومُ التَّرْوِيَةِ، واليومَ التاسعَ، وهو يومُ عرَفةَ.

وقد روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن جَعْفَرِ بنِ محمدٍ، عن أبيه، عن عليٍّ؛ أَنَّه كان يقولُ: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾: "قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ" (١).

ورُوِيَ عنِ الشَّعْبيِّ والنَّخَعيِّ والحَكَمِ وحَمَّادٍ.

وأمَّا صيامُ السَّبْعةِ إذا رجَعَ: فيجوزُ صيامُها في الطريقِ، وإِن أخَّرَها عندَ رجوعِهِ واستقرارِهِ، فهو أفضَلُ؛ لأنَّ السفرَ ليس مَحِلًّا لصيامِ الفرضِ المطلَقِ، ولا صيامِ النافلةِ.

وإنَّما جعَلَ الله صيامَها عندَ الرجوعِ إلى بَلَدِهِ؛ رُخصةً ورَحْمةً به؛ لأنَّه أمَرَ بصيامِ الثلاثةِ في الحجِّ، وجُعِلَتْ أقرَبَ شيءٍ لِعَرَفةَ في كلامِ أكثرِ المفسِّرينَ؛ لأنَّه قد وصَلَ إلى مَكَّةَ، وفي حالِ راحةٍ، لا في حالِ سَيْرٍ غالبًا، وجعلَ السبعةَ في حالِ رجوعِه وقَرارِه، ولو صامَها مسافِرًا في عَوْدَتِه، جازَ؛ روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن منصورٍ، عن مجاهِدٍ: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾؛ قال: "إِنْ شَاءَ صَامَهَا فِي الطَّرِيقِ؛ إِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ" (٢).

العمرةُ للمكِّيِّين:

وقولُه تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾؛ لأنَّ العُمْرةَ لا تكونُ على المكِّيِّينَ، فمُتْعةُ الحجِّ لأهلِ الآفاقِ، لا للمَكِّيِّينَ.

رُوِيَ هذا عنِ ابنِ عَبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ وعَطَاءٍ وطاوُسٍ ومجاهِدٍ والحسَنِ والزُّهْريِّ (٣)، وبهذه الآية استدل أحمد على ذلك وأنه ليس على أهل مكة هدي ولا لمن كان بأطراف ما تقصر فيه الصلاة (٤).


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٤٢).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٤٣).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٣٤٤).
(٤) بدائع الفوائد (٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>