للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: " ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)[النساء: ٣٣].

والمَوْلَى مِن مُشَتَرَكِ الألفاظِ التي ربَّما تقعُ على الضِّدَّيْنِ المُتقابِلَيْنِ؛ فيُسمَّى المُعَتَقُ وسيِّدُهُ كلُّ واحدٍ منهما: مَوْلًى؛ ويُسمَّى الناصرُ والمُعِينُ والعاضِدُ: مَوْلًى؛ كما في قولِه تعالى: ﴿فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الحج: ٧٨]، وفي الحديثِ: (اللهُ مَوْلَانَا) (١).

معنى المَوْلَى:

والمرادُ بالمَوْلى في الآيةِ: الوريثُ، والمَوَالِي: الوَرَثَةُ؛ رواهُ سعيدُ بن جُبيرٍ، وعليُّ بنُ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ ورُوِيَ عن مجاهِدٍ وقتادةَ وغيرِهم؛ رواهُ ابنُ جريرٍ (٢).

جعَلَ اللهُ للميِّت ورثةً يَرِثُونَ مالَهُ ويَلُونَهُ بعدَ موتِه، وهؤلاءِ قد قَضَى الله في بيانِ ما لهم وما عليهم مِن الميِّتِ، كما قسَّمَهُ اللهُ في الآياتِ السابقة، وليس لأحدٍ أنْ يعترضَ على حُكْمِ اللهِ وفضلِهِ في الحقوقِ والمواريثِ، فيتمنَّى الرجلُ ما للمرأة، وتتمنَّى المرأةُ ما للرجُلِ؛ فاللهُ قسَّمَ الأرزاقَ كما قسَّمَ الأجناسَ لحِكْمةٍ بالِغةٍ، ولا يُصلِحُ دُنياهم إلَّا هذا.

عهد المؤاخاةِ والمواريثُ:

وقولُه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾؛ يعني: مِن عهودِ المؤاخاةِ ببنَ المُهاجِرِبنَ والأنصار، وقد كان الصحابةُ يَرِثُ


(١) أخرجه البخاري (٣٠٣٩) (٤/ ٦٦).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٧١ - ٦٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>