للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأقولُ: بحقِّ جعفرٍ، فإذا قلتُ: بحقِّ جعفرٍ، أَعْطَانِي" (١).

وهذا تذكيرٌ بحقِّ جعفرٍ، وهو رَحِمُهُ التي يتَّصلُ بها مع عليِّ بنِ أبي طالبٍ؛ لأنَّه أَخُوهُ، وعليٌّ عمُّ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ, وقرينةُ ذلك: أنَّه خَصَّ جعفرًا؛ لأنَّه مَعْقِدُ الوصلِ بينَهما، وحَقُّ جعفرٍ الوصلُ، وليس هذا حَلِفًا؛ بل مناشدةٌ وتعاطُفٌ؛ ويُؤيِّدُ هذا ما جاء عن ابنِ مسعودٍ؛ أنَّه قرَأَ: (وبِالأرحَامِ)، وقال: "كانوا يتناشَدونَ بذِكرِ اللهِ والرحِمِ (٢)؛ يقولُ الرجلُ: سألتُك باللهِ والرَّحِمِ".

صلةُ الرحمِ:

وقد أمَرَ اللهُ بصِلَةِ الرحِمِ في كتابِهِ في مواضعَ عديدةٍ؛ منها في سورةِ البقرةِ والرعدِ: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [البقرة: ٢٧, والرعد: ٢٥]؛ صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ؛ قال: "أكبرُ الكبائرِ: الإشراكُ باللهِ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ [الحج: ٣١]، ونقضُ العهد، وقطيعةُ الرَّحِمِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٥]؛ يعني: سوءَ العاقبةِ"؛ أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ (٣).

وقال به قتادةُ والسُّدِّيُّ.

والآيةُ شاملةٌ لكلِّ قَطْعٍ لِمَا أمَرَ اللهُ بوَصْلِهِ مِن الحقِّ.

الحكمةُ من صلة الرحمِ:

وصِلَةُ الأرحامِ توثيقٌ لصِلةِ القَرَابة، ووفاءٌ للحقّ، وحُسْنُ عهدٍ،


(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٤٧٦) (٢/ ١٠٩)، وابن معين في "معرفة الرجال" (رواية ابن محرز (١/ ١٦٨) ط. القصار)، وأحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (رواية ابنه عبد الله) (١/ ٣٧٧).
(٢) "البحر المحيط" لأبي حيان (٣/ ٤٩٨).
(٣) "تفسير الطبري" (١٣/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>