وَسَّعَ اللهُ لأُمَّتِهِ إذْ جعَلَ مَوْسِمَ الحجِّ واجتماعَ الناسِ فيه مَغْنَمًا لراغبِ الفضلِ بتجارةٍ أو إجارةٍ أو غيرِها، وقد امتَنَّ اللهُ على عبادِهِ بهذا في مواضعَ عديدةٍ؛ منها في دعاءِ إبراهيمَ: ﴿وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: ١٢٦]، ومكةُ ليستْ بذاتِ زَرْعٍ؛ كما قال إبراهيمُ: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ [إبراهيم: ٣٧]، ولكنَّ المقصودَ بدعائِهِ جبايةُ الثمراتِ مِن مَنابِتِها حولَ أُمِّ القُرَى ومِنْ عمومِ الأرضِ، وهذا ما امتَنَّ به اللهُ على قريشٍ في سورةِ القَصَصِ، فقال: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ [القصص: ٥٧]، وهذا رزقٌ يأتي هذا البَلَدَ المبارَكَ ولا يَنقطِعُ.
التجارةُ في الحج:
وقد كان الناسُ يَجِدُونَ حَرَجًا لمَّا جاء الإسلامُ أن يتَّخِذُوا الحجَّ موسمًا للتجارةِ، فرَخَّصَ اللهُ فيه بقولِه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾؛ قال ابنُ عباسٍ:"في مواسمِ الحجِّ"؛