للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواهُ البخاريُّ (١).

وروى أبو داودَ؛ مِن حديثِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ: أنَّ الناسَ في أولِ الحجِّ كانوا يَتَبَايَعُونَ بمِنًى وعَرَفةَ وسُوقِ ذي المَجَازِ ومواسمِ الحجِّ، فخافُوا البيعَ وهم حُرُمٌ، فأنزَلَ اللهُ سبحانَهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ في مواسمِ الحجِّ، قال: فحدَّثَني عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ؛ أنَّه كان يقرؤُها في المصحفِ (٢).

وروى عليُّ بنُ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عباسٍ؛ قال: "لا حرَجَ عليكم في الشراءِ والبيعِ قبلَ الإحرامِ وبعدَهُ" (٣).

وسببُ نزولِ هذه الآيةِ رفعُ الحَرَجِ عن الأُمَّةِ بالانتفاعِ في دُنْياها مِن مَجْمَعِ الناسِ للحجِّ حينَما يأتُونَ مِن كلِّ مكانٍ، فيتبايَعونَ فيما بينَهم كلٌّ يبيعُ نِتَاجَ بلادِهِ مِن زَرْعٍ وثَمَرٍ، وصناعةٍ ونسيجٍ وحِدَادةٍ؛ فبهذا ينتفِعُ أهلُ مكةَ وما حولَها، وينتفعُ الحُجَّاجُ كلُّهم بِتَبَايُعِهم فيما بينَهم، فيَرْجِعونَ بأجرٍ وغنيمةٍ مِن الدُّنيا تَكْفِيهم مُؤْنَةَ الحجِّ ونفقةَ الطريقِ وقد تَزِيدُ، فقد روى أحمدُ في "مسندِهِ"؛ مِن حديثِ أبي أُمامةَ التَّيْمِيِّ؛ قال: قلتُ لابنِ عمرَ: إنَّا نُكْرِي، فهل لنا مِن حَجٍّ؟ قال: أليس تَطُوفُونَ بالبَيْتِ، وتأتُونَ المُعَرَّفَ، وتَرْمُونَ الجِمَارَ، وتَحْلِقُونَ رُؤُوسَكم؟ قال: قلْنا: بلى! فقال ابنُ عمرَ: جاء رجلٌ إلى النبيِّ ، فسَأَلَهُ عن الذي سَأَلْتَني، فلم يُجِبْهُ حتى نزَلَ عليه جبريلُ بهذه الآيةِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾، فدَعَاهُ النبيُّ , فقال: (أَنْتُمْ حُجَّاجٌ) (٤).

ومن الأئمة من يرى أن ترك التجارة في الحج أخلص للعمل مع جوازها، وقد سئل أحمد عن التجارة في الحج؟ فقال: من الناس من يتأول


(١) أخرجه البخاري (١٧٧٠) (٢/ ١٨٢).
(٢) أخرجه أبو داود (١٧٣٤) (٢/ ١٤٢).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٥٠٢)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣٥١).
(٤) أخرجه أحمد (٦٤٣٤) (٢/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>