للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢)} [المائدة: ١٢].

وهؤلاءِ النقَباءُ الذين اتَّخَذَهم موسى هم رؤوس عن قومِهم، مِن كل سِبط يَبعَثونَ رجُلا؛ وذلك لمَّا أراد موسى قتالَ الجبابرة، وإنما اتخذَ النقَباءَ حتى يسمَعَ له ويطاعَ، فلا يَنشقَّ الصف ويَنهزمَ أهل الحق؛ فإن مَن قاتَلَ مِن غيرِ قناعة، ضَعُفت عزيمتُه عن الإثخانِ في العدو، فيُهزَمونَ ولو كانوا كثرةَ، لِهَوَانِ نفوسِهم بالقِلةِ الثابتة، وإنما اتخَذَ موسى واحدًا على كل قوم؛ ليكونَ شاهدًا عليهم بما يريدونَ، وضامنا لهم وضامنا عليهم.

اتخاذُ النقباءِ والعرفاءِ:

ولذا يتأكد على الحُكامِ اتخَاذُ النُّقَبَاءِ عن الناسِ في القتال، خاصَّة عندَ اختِلافِ الناسِ ومَشاربِهم، وضَعفِ دينهم، وهوانِ عزائمِهم؛ وهكذا فعَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حينَما بايَعَ الأنصارَ ليلةَ العَقَبَة، فكانوا سبعينَ رجلا وامرأتَين، فاتَّخَذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم اثني عشرَ نقيبا: ثلاثة من الأوس، وتسعة مِن الخَزرَجِ؛ كما ذكرَهُ مالك وابنُ إسحاقَ (١).

والنقباء هم العُرَفَاءُ عندَ العرب، والنقيب: هو الأمينُ الضامنُ على قومِه، وذُكِرَ أن اللهَ أنزلَ فيهم قولَه تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ


(١) "سيرة ابن هشام" (١/ ٤٤٣)، و"تاريخ دمشق" (٩/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>