للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "مسندِه"، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ جريرٍ (١).

وكلَّما كان العبدُ في مكانٍ أعظَمَ، فالمؤاخَذَةُ عليه أكبَرُ؛ فالمجاهِدُ في موضِعٍ عظيمٍ، وأمَلُهُ قصيرٌ يقتضي التجرُّدَ؛ فمِلْءُ الكفِّ مِن الهَوَى يُفسِدُ عليه ما يُفسِدُهُ مثاقيلُ الهَوَى على غيرِ المجاهِدِ.

الاجتماعُ في القتالِ:

وفي الآيةِ: مسألتانِ مُهِمَّتانِ هما المَقْصُودتانِ مِن ذِكْرِ الآيةِ هُنا: أُولَاهما: في قولِهِ تعالى: {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وقولِهِ تعالى بعد ذلك: {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة: ٢٤٧]؛ وذلك لوجوبِ التأميرِ في الجهادِ، أميرًا تجتمِعُ عليه الكلمةُ، ويَقْوَى على مقابَلةِ العدوِّ؛ وذلك أنَّ الجِهادَ يحتاجُ إلى تعاضُدٍ بينهم وتآمُرٍ على العدوِّ؛ وهذا لا يكونُ إلا باجتماعٍ؛ وهذا يدلُّ عليه العقلُ والنقلُ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَبْعَثُ جيشًا ولا سَرِيَّةً إلا أمَّرَ عليهِم أميرًا، وفي الحديثِ: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بعَثَ أميرًا على سَرِيَّةٍ أو جَيْشٍ، أَوْصَاهُ بتَقْوَى اللهِ" (٢).

التأميرُ وأهميَّتُهُ:

بل كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحُثُّ على التأميرِ في كلِّ سَفَرٍ ولو في أَمْنٍ؛ كما في حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) (٣)، وجاء مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) (٤).


(١) أخرجه أحمد (٤٤١٤) (١/ ٤٦٣)، والطبري في "تفسيره" (٦/ ١٤١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٨٨).
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٩٧٨) (٥/ ٣٥٢)، وأبو داود (٢٦١٢) (٣/ ٣٧)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٧٣١) (٨/ ٩٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٦٠٨) (٣/ ٣٦).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٦٠٩) (٣/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>