الصائدُ حلالًا إن صِيدَ للمحرِمِ؛ فإنَّ عِلةَ التحريمِ تتحقَّقُ في ذلك كلِّه.
صيدُ الحَلَالِ:
ويخرُجُ مِن هذا: مَن صادَ صيدًا وهو حلالٌ، ثم أحرَمَ فأكَلَ صيدَهُ السابقَ في حالِ إحرامِه، فلا حرَجَ عليه، وأَولى منه: مَن أكَلَ صيدًا لم يُصَدْ له وهو مُحرِمٌ وصادَهُ رجلٌ حلالٌ، فيجوزُ له أكلُهُ.
وقولُه تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ﴾، وتأكيدُهُ على وصفِ القتلِ بعدَ ذلك: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾، وقولُه: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾، فسمَّاهُ قتلًا لا صيدًا؛ لأنَّه يأخذ حُكْمَ المقتولِ غيرِ المأكول، فكأنَّما قتَلَ محرَّمَا عليه كذِي نَابٍ وذي مِخْلَبٍ، والعربُ تسمِّي الوحشيَّ المأكولَ: صيدًا، وغيرَ المأكولِ: مقتولًا، كما في حديثِ الفواسقِ الخمسِ ويأتي؛ ولهذه الآيةِ استَدَلَّ أحمدُ على أنَّ كلَّ ما ذبحَهُ المحرِمُ من الصيد، فهو مَيْتةٌ، وشدَّد أحمدُ من حُرْمةِ صيد المحرِمِ؛ وأنَّ مَن اضطُرَّ إلى الصيدِ أو المَيْتة، فإنه يأكُلُ المَيتةَ؛ لأنَّ الله رخَّص بها، ولم يرخِّصْ بصَيدِ المحرِمِ للضرورة.
وفي قولِه: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ﴾ دَليلٌ على تحريم تناوُلِ الصيدِ باليدِ ولو بغيرِ آلةٍ؛ كسَهْمٍ ورُمْحِ وحَصَاةٍ ورصاصةٍ، فالعِبْرةُ بقتلِه، ولو ذُبِحَ بسكينٍ فحُكمُهُ كحُكْمِ المَيْتَةِ؛ ولذا قال تعالى فيما سبَقَ: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤]، فما أسَكَت به اليدُ مِن الطيور، ولو كان في حَجْرِ المحرِمِ أو ممَّا جاء طوعًا، فأمسَكَ به، فهو صيدٌ محرَّمٌ.
صيدٌ غيرِ المأكول:
ولا يُسمَّى غيرُ المأكولِ صيدًا في كلامِ العربِ؛ فمَن قتَلَ غزالًا أو