للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يُؤجَرُ العبدُ على نِيَّتِهِ ولو لم يَعْمَلْ، ولا يُؤجَرُ على العملِ ولو تابَعَ فيه إذا كان بلا إخلاصٍ للهِ؛ لأنَّ اللهَ يُعطِي العبدَ على نِيَّتِهِ ما لا يُعطِيهِ على عملِه.

الثوابُ على العملِ الباطل:

وفي ظاهرِ الآيةِ أنَّ كلَّ عملٍ يعملُهُ الإنسانُ لا يُضِيعُهُ اللهُ على صاحِبِهِ ما أخلَصَ فيه وتابَعَ، ولو كان باطلًا في ذاتِه ولم يَعلَمِ العبدُ ببطلانِه؛ كمَنْ يُصلِّي صلاةً على غيرِ وُضوءٍ وهو لا يَعلَمُ، فيُكتَبُ له الأجرُ؛ لأنَّه حالَ عَمَلِها يَحْسَبُ أنَّه أدَّاها بإخلاصٍ وموافَقةٍ، وإذا عَلِمَ، وجَبَ عليه الإعادةُ، وعملُهُ السابقُ مأجورٌ عليه ولا يَضِيعُ منه شيءٌ، ولكنَّه لا يُسقِطُ التكليفَ؛ فمِن الناسِ مَن يقومُ الليلَ كلَّه يَحْسَبُ أنَّه على طُهرٍ، فإذا قضَى صلاتَهُ تذكَّرَ أنَّه ليس على طُهْرٍ، فإنَّه يُؤجَرُ على ما أدَّاهُ، وإنْ أَمْكَنَهُ أن يُعِيدَ أعَادَ.

وكثيرٌ مِن العلماءِ يُفرِّقونَ ببنَ الجاهلِ والناسي في الإعادةِ: فيُعذَرُ الجاهلُ عندَهم، ولا يُعذَرُ الناسي، وإنْ كان الأجرُ لا يَضِيعُ عليهما جميعًا، وفي "المسنَدِ"، و"السننِ"؛ مِن حديثِ أبي ذرٍّ؛ قال: "إِنِّي كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ المَاء، وَمَعِي أَهْلِي، فَتُصِيبُنِي الجَنَابَةُ فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللهِ بِمَاءٍ، فَجَاءَتْ بِهِ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ بِعُسٍّ يَتَخَضْخَضُ مَا هُوَ بِمَلْآنَ، فَتَسَتَّرْتُ إِلَى بَعِيرِي، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : (يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ، وَإِنْ لم تَجِدِ المَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدتَّ المَاءَ، فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ) " (١).

* * *


(١) أخرجه أحمد (٢١٣٠٤) (٥/ ١٤٦)، وأبو داود (٣٣٣) (١/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>