للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديةُ قتلِ المرأةِ المعاهدة:

وأمَّا مقدارُ ديةِ الكافرةِ المعاهَدة، فعلى النِّصْفِ مِن ديةِ الذَّكَرِ منهم بلا خلافٍ، ولكنِ اختَلَفَ العلماءُ في مقدارِ ديةِ ذُكُورِهم، والخلافُ في ديةِ الكتابيِّ المعاهَدِ على أقوالٍ:

الأوَّلُ: أنَّها على النِّصْفِ مِن ديةِ المسلِمِ؛ وهو قولُ مالكٍ وأحمدَ.

الثَّاني: ديتهُ كديَةِ المسلمِ؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ، وطَرَدَ الحنفيَّةُ ذلك في كلِّ كافرٍ، فجعَلُوا ديتَهم سواءً كالمسلِمِ.

الثالثُ: أنَّ ديةَ الكتابيِّ ثُلُثُ ديةِ المسلم، وهو قولُ الشافعيِّ.

واتَّفَقَ مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ: أنَّ ديةَ المجوسيِّ ثمان مئةِ درهمٍ.

وكلُّ كافرٍ غيرِ كتابيٍّ يأخُذُ حُكْمَ المجوسيِّ في ديتِه، كان وثنيًّا أو غيرَ وثنيٍّ.

وقد روى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن داودَ بنِ الحُصَيْن، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ في قصَّةِ بني فُرَيْظَةَ والنَّضير، أنَّ رسولَ اللهِ جعَلَ دِيتَهُمْ سواءً ديةً كاملةً؛ وقد تفرَّدَ به ابنُ إسحاقَ عن داودَ (١).

وأصحُّ منه: ما رَواهُ عبدُ الرحمنِ بنُ الحارثِ بنِ عيَّاشِ بنِ أبي ربيعةَ، عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ؛ عن جدِّه: أنَّ النبيِّ جعَلَ ديةَ اليهوديِّ والنصرانيِّ على النِّصْفِ مِن ديهِ المسلمِ (٢).

وقد جعَلَ اللهُ بدَلَ عِتْقِ الرقبةِ في الأحوالِ السابقةِ صيامَ شهرَيْنِ مُتتابِعَيْنِ؛ وذلك في قولِه تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾؛ بَعني: لم يَجِدْ رقبةً مؤمنةً، أو وَجَدَ ولكِنْ لم يَجِدْ قِيمَتَها.


(١) أخرجه أحمد (٣٤٣٤) (١/ ٣٦٣)، وأبو داود (٣٥٩١) (٣/ ٣٠٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٥٨٣) (٤/ ١٩٤)، وابن ماجه (٢٦٤٤) (٢/ ٨٨٣)، وابن المنذر في "الأوسط" (١٣/ ١٧٣)، والدارقطني في "سننه" (٣٣٥٩) (٤/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>