وهي مِن السُّوَرِ المكيَّةِ العِتَاقِ الأُوَلِ؛ كما ثبَتَ مِن حديثِ ابنِ مسعودِ في "الصحيحِ"(١)، وهي لتثبيتِ البنيِّ ﷺ على رسالته ببيانِ الغايةِ منها، وجاء فيها ذِكْرُ بعضِ الأنبياءِ وثَبَاتِهِمْ وصبرِهم على أداءِ رسالةِ اللَّهِ، وتحمُّلِهِمْ وأدائِهِمْ للأمانةِ؛ ليكونَ في ذلك تثبيثٌ وتسليةٌ للنبيِّ ﷺ فيما هو فيه، وما يَستقبِلُهُ مِن أمرِ الناسِ.
رأى موسى النارَ ونَأى بأهلِهِ عن الحضورِ معه؛ وذلك لأنَّ الغالبَ في الأسفارِ الرِّجَالُ، ولا يصحُّ منه الإتيانُ بأهلِهِ بينَهم؛ وذلك أنَّه لو كان معه صاحبٌ رجلٌ لَأخَدَهُ معه، ولم يقُلْ له:(امْكُثْ)؛ يتقوَّى ويأنَسُ به، وقد تقدَّمَ الكلامُ على مسألةِ اختلاطِ الجنَسَيْنِ وتفصيلُهُ عندَ قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] وقولِهِ تعالى: ﴿تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦١]، وقولِهِ: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ [آل عمران: ٣٦]، وقولِهِ تعالى في هودٍ: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ﴾ [٧١]، وتأتي