للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال اللَّهُ تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨].

ذكَر اللَّهُ المرأةَ فوصَفَها بأنَّها تُنَشَّأُ لابسةً حُلِيًّا وزِينةً مِن صِغَرِها، وفي ذلك أنَّ الحِلْيَةَ مِن خصائصِ المرأة، وأمرُها في ذلك فيه سَعَةٌ؛ فيجوزُ للمرأةِ أن تَلبَسَ مِن الحُلِيِّ ما شاءتْ.

لُبْسُ الصبيِّ والرجُلِ للحُلِيِّ:

والأصلُ: أنَّه لا يُشرَعُ تَحْلِيَةُ الغلام، ولا أنْ يتحلَّى الرجلُ؛ لأنَّ هذا ليس مِن خصائصِه الفِطْريَّةِ، وتَحْلِيَتُهُ بالحُلِيِّ كالقِلادةِ والسِّوَارِ تأنيثٌ له، فيُكرَهُ إلباسُ الصبيِّ المعادِنَ تحليةً له ولو لم تكنْ ذهبًا، فهي إن لم تحرُمْ لكونِها ذهبًا وفضةً، إلَّا أنَّه يُمنَعُ منها لمُخالَفَتِها للفِطْرة، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- في أسامةَ بنِ زيدٍ: (لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً، لَحَلَّيْتُهُ وَكَسَوْتُهُ؛ حَتَّى أُنَفِّقَهُ)؛ رواهُ أحمدُ وابنُ ماجَه (١)، فكما أنَّ الجاريةَ تُفارِقُ الغلامَ في الكِسْوة، فإنَّها تُخالِفُه كذلك في الحُلِيِّ.

وأمَّا الذهبُ، فقد حرَّم اللَّهُ على الرجالِ التحلِّيَ به، وقد قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الذهبِ والحَرِيرِ: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا)؛ رواهُ أحمدُ والنَّسائيُّ (٢)، وقد رأى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على رجلٍ خاتَمًا مِن ذهبٍ، فقال له: (يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ، فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ)؛ رواهُ مسلمٌ (٣).

فلا يجوزُ لُبْسُ الرجلِ لخاتَمِ الذهبِ، وأمَّا خاتَمُ الفضةِ، فجائزٌ أنْ


(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٣٩)، وابن ماجه (١٩٧٦).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٩٢)، والنسائي (٥١٤٨).
(٣) مسلم (٢٠٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>