ذكَر اللَّهُ نِعْمةَ الركوبِ على الدوابِّ والفُلْك، وأشار إلى أنَّ أعظَمَ المواضعِ التي يَتذكَرُ فيها العبدُ نِعَمَهُ هي حالُ انتفاعِهِ منها، وأمَرَ بشكرِ المُنعِمِ عندَ ذلك وذِكْرِه، واظهارِ الافتقارِ إليه، والبراءةِ مِن الحَوْلِ والقوةِ إلَّا به؛ حتى لا يَغتَرَّ الإنسان بما فعَلَ مِن تدبيرٍ، وهذه الآيات نزَلَتْ والمراكبُ مِن الأنعامِ: الإبلِ والبقرِ والغنم، ولم يَصنَعِ الإنسانُ حينَها إلَّا الفُلْكَ بيدِه، ومع ذلك ذكَّر اللَّهُ بتلك النِّعَم، وأمَرَ بالافتقارِ وعدمِ الاغترار، والإنسان اليومَ أحوَجُ إلى ذلك وهو يصنعُ طائراتٍ وسيَّاراتٍ وقاطراتٍ وأنواعَ المراكبِ التي لم تكنْ فيمَن قبلَهم، وفتنتُهم فيها أشَدُّ ممَّن قبلَهم.
وفي هذه الآيةِ: بيانٌ لذِكْرِ الركوبِ على المراكبِ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذِكْرِ الركوبِ ودُعَاءِ السفرِ وذِكرِه، والفرقِ بينَهما، عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)﴾ [هود: ٤١]