للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليومَ بمُؤخَّرِ المهرِ؛ لأنَّ ما جازَ إسقاطُهُ جاز تأخيرُهُ، وإذا تشارَطَ الزوجانِ تأخيرَ بعضِ المهر، وجَبَ الوفاءُ به، وهو شرطٌ صحيحٌ، وفي "السُّنَنِ"؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) (١)، وفي "الصحيحَيْنِ"؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِه، مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفرُوجَ) (٢).

وقوله: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} إشارةٌ لحِلِّهِ بطِيبِ نفسٍ منها، لا مكرًا ولا خديعةً، ولا إكراهًا وتغلُّبًا بسيفِ الحياءِ.

وفي الآيةِ: دفعٌ لِحَرَجِ النفوسِ التقيَّةِ مِن قُرْبِ مهرِ الزوجةِ إذا أَحَلَّتْهُ لزوجِها أو لأبيها عن طِيبِ نفسٍ منها.

شرطُ الوليِّ لنفسِهِ مالًا:

وإذا شرَطَ الأبُ حقًّا له مِن مالٍ ونحوِهِ على الزوجِ عندَ العقدِ وقَبلَهُ الزوجُ، فاختلَفَ العلماءُ في صحةِ ذلك الشرطِ على قولَينِ:

قال بجوازِه مسروقٌ وإسحاقُ.

وقد رُوِيَ عن مسروقٌ: أنَّه لمَّا زوَّجَ ابنتَهُ شترَطَ لنفسِهِ عَشَرةَ آلافٍ، فجعَلَها في الحجِّ والمساكين، ثمَّ قال للزوجِ: "جَهِّزِ امرأتَك".

ورُوِيَ هدا عن عليِّ بنِ الحُسَيْنِ (٣).

وقال مَن جَوَّزَ ذلك للأبِ: إنَّه يَملِكُ مالَ أولادِهِ مِن غيرِ شرطٍ، وفي الشرطِ مِن بابِ أَولى.

وقال عطاءٌ وعكرمةُ وطاوسٌ وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ والثوريُّ ومالكٌ والشافعيُّ: بعدمِ صحةِ ذلك، ويكونُ الشرطُ عندَهم - إلَّا الشافعيَّ - حقًّا


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٤) (٣/ ٣٠٤)، والترمذي (١٣٥٢) (٣/ ٦٢٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٢١) (٣/ ١٩٠)، ومسلم (١٤١٨) (٢/ ١٠٣٥).
(٣) ينظر: "المغني" (٧/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>