للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ترجَمَ البخاريُّ في "صحيحِه": (بابٌ: لا وصيَّةَ لوارثٍ) (١)، وهي أصرَحُ مِن غيرِها، وموافقتُهُ للدليلِ وللأئمَّةِ بدليلٍ صريحٍ أَوْلى مِن مخالفتِهم بدليلٍ محتمِلٍ.

ميراثُ أولادِ الأولادِ:

ويُنزَّلُ ابنُ الابنِ مكانَ الابنِ عندَ فَقدِهِ بلا خلافٍ في الميراثِ والحَجْبِ، ورُوِيَ عن مُجاهِدٍ: أنَّ ولدَ الابنِ لا يَحجُبُ الزوجَ والزوجةَ مِن فرضِهما الأَعْلى إلى الأَدْنى، ولا الأمَّ مِن الثلُثِ إلى السدُس، والصوابُ خلافُه؛ لظهورِ الدليلِ.

ولا خلافَ في أنَّ بناتِ الابنِ لا يَرِثْنَ إذا استكمَلَتِ البناتُ مِن الصُّلْبِ الثلُثَيْن، إلَّا إذا وُجِدَ ابنُ الابنِ معها؛ فإنَّها تُشارِكُهُ للذَّكَرِ مِثلُ حظِّ الأُنثيَيْنِ مِن الباقي في قولِ أكثرِ العلماء، وقَضَى به عمرُ وعليٌّ وزيدٌ وابنُ عبَّاسٍ؛ وهذا ظاهرُ قولِ اللهِ تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١].

وذهَبَ قلةٌ مِن الفقهاءِ: إلى أنَّ الميراثَ الباقيَ يكونُ لابنِ الابنِ وحدَهُ؛ لعمومِ قولِهِ : (اقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللهِ؛ فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ، فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) (٢)، وعمومُ الحديثِ ليس بأوْلى مِن عمومِ الآية، فالآيةِ؛ في اجتماعِ الذكورِ والإناث، والحديثُ عندَ بقاءِ شيءٍ مِن المالِ بينَ ذكورٍ، فيُعطى أقرَبُهم مِن الميِّتِ، ولو وُجِدَ مَثلًا مَن يُساوي أقرَبَ الرجالِ مِن الرجالِ رَحِمًا، لَوَجَبَ أنْ يُقاسِمَهُ الباقيَ، وكذلك عندَ وجودِ مَن يُساويهِ مِن الإناثِ تُشاركُه؛ للآية، وإذا انفرَدَ، يأخُذُه كلَّه؛ للحديث، ولا تعارُضَ بينَهما.


(١) "صحيح البخاري" (٤/ ٤).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>